أكد يوسف العمراني، سفير المغرب في الولايات المتحدة الأمريكية، اليوم الجمعة بمراكش، خلال جلسة نقاش بعنوان “آفاق المحيط الأطلسي الواسع.. أوجه التشابه والاختلاف”، نظمت في إطار الدورة الـ12 للمؤتمر الدولي السنوي “الحوارات الأطلسية”، أن المحيط الأطلسي يعني بالنسبة للمغرب أكثر بكثير من مجرد جغرافيا، فهو مساحة محورية تسمح للمملكة بربط نقاط جهودها التكاملية بعيدة المدى في جميع أنحاء محيطها المباشر والأكبر.
وقال يوسف العمراني، في مداخلته، إن المحيط الأطلسي هو السبب الحقيقي الذي يجعل المغرب يشكل مركز ثقل ونقطة ربط بين الشمال والجنوب، وإفريقيا وأوروبا، والبحر الأبيض المتوسط والمحيط الأطلسي، حيث أن المملكة تقف على مفترق طرق يرشد من الشرق الأوسط إلى الأمريكيتين.
وتابع أن المحيط الأطلسي هدية جيوسياسية، ومساحة من الفرص، وأرضية مزدهرة لعمليات التكامل الناجحة، ومع ذلك، فإن المحيط الأطلسي مليء أيضًا بالتحديات التي تتطلب استثمارات ضخمة تضاعفها قيادة سياسية حقيقية، ويحتاج هذا الفضاء إلى سياسات إقليمية ودول إقليمية متماسكة وتطلعية وشاملة، لا سيما في بعدها الإفريقي، مشيرا إلى أن هذا في جوهره ما دعا إليه الملك محمد السادس، في خطابه التاريخي حول البعد الأطلسي للمملكة، الذي ألقاه بمناسبة الذكرى 48 للمسيرة الخضراء، والذي رسم رؤية ملكية طموحة لإنشاء “ إفريقيا الأطلسية”.
وقال العمراني الذي تم تعينه مؤخرا سفيرا للملكة بواشنطن، “نحن كدول من الجنوب العالمي، سواء في أمريكا اللاتينية أو في إفريقيا، فإننا نواجه نفس القضايا، من حيث التنمية والحكم الرشيد وتوفير الخدمات الاجتماعية، وعلى نحو مماثل، نشعر جميعا بالقلق إزاء التهديدات المتزايدة التعقيد والمترابطة التي يشكلها الإرهاب، والجريمة المنظمة العابرة للحدود الوطنية، والقرصنة البحرية، وكذلك التحديات البيئية، ولهذه الأسباب، لا يمكننا أن نفصل مصيرنا عن مصير البلدان الأخرى، فالتحديات أعظم من أن نواجهها بمفردنا، ولا نستطيع أن نتحمل تكاليف مراقبة المحيط الأطلسي وهو ينأى بنفسه عن التعاون الدولي، ولا يمكننا أن نسمح للقضايا الأمنية بأن تأخذ زمام المبادرة من خلال فرض أجندة الخوف بدلا من أجندة الأمل، ولا يمكننا أن نتحمل تكلفة التخلف عن الركب في تعزيز التواصل بين دول المحيط الأطلسي، ولم يعد بوسعنا أن نقتنع بأن الغالبية العظمى من التعاون الأطلسي تقتصر على المجال الشمالي.
وأضاف العمراني، أن العمل بشكل جماعي وشامل أمر بالغ الأهمية لنجاحنا، كما أن التعددية الحكيمة والمسؤولة هي وحدها القادرة على خدمة مصالح شعوبنا وبلداننا، وبهذه الروح، يعمل المغرب دائما على الحفاظ على شراكاته التقليدية وتعزيزها، فضلا عن الانخراط باستمرار في المبادرات المماثلة التي تهدف إلى تعزيز المزيد من التكامل الإقليمي.
وأكد ذات الدبلوماسي، أن المغرب الآن خطى خطوة أخرى إلى الأمام من خلال جهوده الرامية إلى إنشاء مجتمع أطلنطي متماسك ومزدهر وجريء وطموح، مشيرا إلى أن هذا الأمر تحكمه الرؤية الملكية للمحيط الأطلسي الإفريقي والجهود الطويلة التي بذلها المغرب لتحويل هذه الرؤية إلى حقيقة، بالرغم أن البلدان الأفريقية كانت دائماً مهتمة بتطوير إطار تعاون ذي صلة في منطقة المحيط الأطلسي، إلا أننا كنا نفتقر إلى الأدوات اللازمة للقيام بذلك”.
وأشار المتحدث ذاته، إلى أن التواصل هو المفتاح لبناء تعاون دائم، كما أن امتداد الطرق السريعة والقطار السريع وميناء الداخلة الأطلسي، كلها تندرج في رؤية تنموية طموحة للمغرب، بدءا من واجهته الأطلسية وانتهاء بامتداده إلى عمقه الإفريقي الطبيعي.
وأردف يوسف العمراني، أن الرؤية الملكية وضعت خارطة طريق واضحة ووفرت الركائز للمغرب من خلال تبادل القدرات للعمل مع جيرانه من البلدان الأفريقية الأطلسية في مشاريع استراتيجية وملموسة من شأنها أن تدمج اقتصاداتنا بشكل أفضل، وهذا هو الحال على سبيل المثال بالنسبة لخط الأنابيب بين نيجيريا والمغرب، والذي لن يفيد غرب أفريقيا فحسب، بل سيضمن أيضا إمدادات الطاقة لأوروبا.
وقال العمراني، إن ما طرحه الملك محمد السادس، في خطابه الأخير هو في الواقع خارطة طريق للواجهة الأطلسية لأفريقيا، وتعادل روح الحدود الجديدة، ولكن هذه المرة لجميع البلدان الأفريقية، التي تبدو مستعدة للاستفادة من الرؤية الملكية، حيث أنها رؤية تدعو إلى الجرأة والطموح والابتكار لخلق مساحة ديناميكية للتنمية المشتركة والتقدم المشترك والتفاعلات الإنسانية في جميع المجالات، والأهم من ذلك كله مساحة تنعم بالسلام المستدام والاحترام المتبادل والاستقرار والتقدم.