والدة القاضي فتحي للرميد: “أجدني مضطرة أن أجهر بشكواي بكم إلى الله تعالى” وأطالب بقولك الحقيقة للملك
وجهت والدة القاضي فتحي الذي تم توقيفه مسبقا، رسالة المصطفى الرميد وزير الودلة وحقوق الانسان، تطالبه من خلالها بقول الحقيقة للملك محمد السادس في ملف ابنها، وتضمنت الرسالة مجموعة من النقاط البارزة التي وقفت عندها مطولا من خلال تشديدها على أن ابنها مظلوم، ولا يجب محاكمته أو متابعته كونه يعاني من مرض عقلي يرفع عنه قلم القانون.
قالت في هذه الرسالة”أجدني مضطرة أن أجهر بشكواي بكم إلى الله تعالى في هذا الشهر الفضيل الذي ليس فيه بين الله وبين دعوة المظلوم حجاب، بسبب المأساة التي تسببتم فيها لنا بظلمكم وتسرعكم ولا إنسانيتكم، وقد عملتم كوزير للعدل في الحكومة السابقة على عزل ابني القاضي عادل فتحي وتشريده وهو في حالة عجز صحي تنتفي فيه مسؤوليته التأديبية انتفاء تاما”.
وأضافت “فأعدمتموه الإعدام الأول، ثم لم تكلفوا أنفسكم عناء إصلاح خطئكم بمقاربة حالته حقوقيا لإصلاح وضعه لتعدموه بذلك الإعدام الثاني بسلبيتكم وموت الضمير فيكم، بعد أن أصبحتم وزيرا لحقوق الإنسان وصادحا باسمها في الحكومة الحالية فعدتم بذلك الآن خصما وحكما في قضيته”.
في السياق نفسه قالت”الآن وقد مثلتم بفلذة كبدي، وشردتموه كقاض مريض عاجز، لم تنفع خلفيتكم الدينية ولا الإسلامية ولا الحقوقية، ولا الحزبية في دفعكم للتفكير في التكفير عن خطيئتكم في حقه وحقنا جميعا، أقول لك:
لقد قتلتم ابني مرات عديدة. مرة لما عزلتموه وأنتم تعرفون يقين المعرفة في دواخلكم أنه ليس قاضي رأي بل مجرد مريض عاجز، رفع الله تعالى عنه القلم فقررت أن لا ترفعه أنت، بل أمضيته مأخوذا بالعزة بالتنكيل بمريض لا حول له ولا قوة”.
وأضافت”مرات أخرى حين خرجت للصحافة تعلن للرأي العام أنك كنت واعيا بمرضه، وأخذت تمن عليه بأنك كنت تود دفعه للعلاج لولا معاكسة بعض الجمعيات، كأن حقه في المواطنة رهين بهذه الجمعيات، وكأن العلاقة النظامية لم تكن تربطه بكم أنتم كرئيس له!.”
ولم يفتها في هذا الجانب التأكيد على أن “الحقيقة التي يعرفها الجميع أنك عزلته في فرصة ثانية سنحت لك كان فيها في أوج المرض، باعترافكم مسلوب الإرادة دون دفاع يسانده ودون وعي أيضا. فلم تزد بذلك التصريح سوى أن اعترفت بتسرعك، وعلى أن شهرت به كمريض، وأن بينت أنك لم تتورع عن استغلاله، وهو المريض المحيط العاجز حطبا لمعاركك ورقما إضافيا تتبجح به ضمن إنجازاتك (العظيمة)”.
وطرحت مجموعة من التساؤلات في معرض حديثها عن سبب التنكيل بشخص يعاني مرضا عقليا، قائلة”أي إنجاز هذا أن تنكل بمريض عقلي يا وزير الدولة في حقوق الإنسان؟ كل هذا التنكيل الذي لا يجيزه لا تشريع وضعي ولا سماوي؟؟. وقد كان يتوجب عليك أن تمتعه برخصة مرضية طويلة الأمد بكل بساطة بصفتك الحصن الأخير له من مرضه الذي ألم به في مساره المهني والوظيفي”.
“هناك مجموعة من الأسئلة الاستنكارية التي تخللت هذه الرسالة، في محاولة من والدة القاضي تحريك الجانب الإنساني من خلال قولها”بالله عليكم هل إصلاح القضاء في رأيك كان يمر عبر إعدام قاض مريض عقليا، كان الأجدر بك على الأقل للشعارات التي ترفعها والصورة التي ترسمها عن نفسك أن تدفعه للعلاج، لا أن تحاكمه وأن تكشف حقيقة مرضه صراحة لجلالة الملك نصره الله الذي عودنا دائما على الأخذ بيد الضعفاء والمرضى والعاجزين من أبناء شعبه”. تقول والدة القاضي في رسالتها للرميد.
وأشارت في السياق ذاته أن المراسلات المتكررة، التي كان الهدف من خلالها إحقاق الحقيقة، التي تفيد أن القاضي المعني بالعزل هو سلوك يتنافى مع القانون، وهو الأمر الذي أفصحت عنه من خلال قولها:”راسلناكم فلم تجيبوا، ورجوناكم أن تنتبهوا لآثار هذا الإعدام المهني على عائلته، ولكنكم تماديتم بتجاهلكم لصرخاتنا في عقاب أطفاله الصغار، الذين كل ذنبهم أن والدهم مرض مرضا عقليا ولم يمرض مرضا عضويا، لدى وزير للعدل كان يعاقب على الهذيان والمرض. ولا يرى في ملته الحقوقية حقا للمريض العقلي، ويعتبر نفسه منزها عن الهفوات”.
كما اعتمدت في رسالتها التركيز أكثر على الجانب الإنساني من خلال قولها:”أخيرا أطلب منك أن تنصت لنداء الضمير في أعماقك فلابد وأن يكون فيه بقية من حياة… وأن لا يكون عندك حرج أن تبدأ بإعطاء المثل بنفسك في الانحياز لحقوق الإنسان، بأن تنقل لجلالة الملك نصره الله فقط قناعتك الدفينة بأمانة بخصوص هذا الملف.كل ما أناشدك إياه هو أن تقول الحقيقة القابعة في داخلك فقط، مع العلم أن حالة ابني ومرضه الآن حقيقة فاضحة تمشي برجلها على الأرض. وأن مرضه هو عنوان الحقيقة”.
وعززت موقفها بالتأكيد على أن عزل ابنها القاضي، تعتبر جريمة وهو الأمر الذي أبانت عنه من خلال قولها “لا أحتاج أن أشرح لك كيف دمرت حياة فلذة كبدي وأحلته لحطام هو وأحفادي. وكيف عذبتني وأشقيتني أنا ووالده في أرذل العمر. فلك أيضا فلذات كبدك حفظهم الله لك من كل مكروه. ووقاك فيهم هذا الإحساس …”.
ويشار في الصدد ذاته أنها استندت للخطاب الديني، من خلال إدراجها لبعض الأحاديث والآيات القرآنية، في أفق خلق قناعات تفيد بأن إقالة ابنها القاضي يعتبر خطأ يجب تداركه، كونه في حالة تنتفي فيها الشروط القانونية، لأنه يعاني مرضا عقليا يرفع عنه الحرج لكني أرجوك أن تتأمل قول الرسول الكريم: لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحبه لنفسه. وقوله صلى الله عليه وسلم “المسلم من سلم الناس من يده ولسانه”. وقول الله في حديثه القدسي: إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما.
“أرجوا أن يستفيق ضميرك وأرجو أن تكون كوزير لحقوق الإنسان جزءا من الحل وأن تشعرنا أننا مواطنون أيضا بالنسبة لك يا وزير الدولة في حقوق الإنسان… وإلا فإني أؤجل خصومتي معك إلى ما بعد هذه الدار الفانية عند رب العالمين الذي لا يظلم أحد عنده. بيدي أيها الملك الأريب لا لشيء إلا لأن ابني مريض.
أو لأب شيخ إذا رآه دم قلب بدمع عين يفيض.
قد كان والله مغيبا مريضا عاجزا فظلمه وأعدمه الرميد”.تقول خديجة فهمي والدة القاضي.