ملف الأسبوع: الوزير الداودي بين خيار الاستقالة أو مواجهة شعب المقاطعة
زرعت تصريحات الوزير المكلف بالشؤون العامة والحكامة، لحسن الداودي، الرعب في قلوب الفلاحين المنتجين للحليب وحتى العاملين في شركة “سنطرال دانون”، بعد تعبيره عن تخوفه من إغلاق العملاق الفرنسي فرعه بالمغرب، عقب حملة المقاطعة، وهو التصريح الذي جر على الوزير وابلا من الانتقادات وصلت حد مطالبته بالاستقالة، بعد ما اعتبره الكثيرون انحيازا للشركة على حساب المواطن المغربي.
الداودي الذي صرح في إحدى جلسات الأسئلة الشفهية بمجلس النواب، بأن السوق المغربية يمكن أن تشهد نقصا في مادة الحليب خلال شهر رمضان المقبل، بسبب نقص إنتاج شركة “سنطرال” لمادة الحليب، قال “أنا خايف وخاصني نقولها للمغاربة مباشرة على الحليب.. ماشي حيث كاين خطر المقاطعة.. المستثمر كيخاف، حنا كنضاربو غير باش الشركة تبقى لأن هادو أجانب ماشي مغاربة، وغدا يدير الساروت تحت الباب، ويزيد بحالاتو ويخليك تما”، تصريحات سريعا ما فندها مسؤولو الشركة معتبرين أنها غير مسؤولة وغير لائقة، مطالبين إياه بمراعاة مصلحة المستهلكين والعاملين وشركاء الشركة.
الوزير وفي تصريحاته التي اعتبرها الكثيرون غير مسؤولة، فيما اتجه آخرون للقول إنه فضل الشركات الأجنبية على المواطن المغربي البسيط، وضع نفسه في موقف لا يحسد عليه، موقف ارتفعت معه أصوات المطالبين باستقالته، وهو ما خلق نقاشا حادا بين المهتمين بالشأن السياسي، بين مؤيد وآخر يعتبرها غير لازمة، لكون الداودي لم يهاجم أو يسب المقاطعين كما فعل بوسعيد والخلفي…
“برلمان.كوم” وفي حديث مع باحث في العلوم السياسية وخبير في الشؤون البرلمانية، فضل عدم الإفصاح عن اسمه، شدد على أنه من غير الوارد أن يقدم لحسن الداودي استقالته، وذلك لسببين أساسيين يتمثلان في شخصية الداودي وفي حزب “العدالة والتنمية”.
الخبير في الشؤون البرلمانية، أكد أن المقربين من الداودي يعرفون حق المعرفة طبيعة شخصية هذا الرجل الصدامية، فهو دائما ما يلجأ إلى الصدام واستغلال أبسط الفرص لإثارة الخلاف والجدل حوله وحول شخصه وحول السياسات التي يدافع عنها، ما يجعل من الصعب جدا إقناعه بأي فكرة لم يكن مقتنعا بها أصلا، وبشكل أدق، إقناعه بتقديم استقالته.
وما يؤكد هذه الفكرة، هي مداخلة الداودي أثناء خلافه مع فريق “الأصالة والمعاصرة” في لجنة المالية التي كانت تناقش موضوع تحرير المحروقات، حيث قال بالحرف الواحد: “أنا من قرية إذا سبك شخص ولم تسبه فلا يجب عليك أن تعود إلى القرية”… ما يعني أنه شخص كلما استفززته كلما زاد عنادا وزاد تمسكا بموقفه.
ويضيف الباحث في العلوم السياسية، حول إمكانية استقالة الوزير، “إذا ما اعتبرنا أن الداودي من قادة تيار الوزراء الذي انتصر مؤخرا على بن كيران، فأي خروج له من الحكومة بسبب تصريحاته وموقفه الصدامي مع المقاطعين… سوف يفسر على أنه هزيمة لتيار الوزراء مقابل تيار بن كيران، الذي انخرط فعلا بشكل قوي في حملة المقاطعة ويقودها في بعض الأحيان”.
وتبقى الشكليات المرافقة للاستقالة من العوامل التي يمكن إضافتها لـ”موانع” لحسن من الاستقالة، فإذا طرأ أي تغيير وقرر لحسن الاستقالة، فسيقدمها إلى الأمانة العامة للحزب كي تناقشها قبل تقديمها إلى رئيس الحكومة الذي سيرفعها بدوره إلى الملك محمد السادس، في انتظار البت فيها وتعويضه بوزير آخر… شكليات وإجراءات الوضع السياسي الحالي ليس في حاجة إليها ولا هو في حاجة لاستقالة الداودي.
هذا، ويبقى الختم بفكرة ملخصة لكل ما نوقش بعد زوبعة تصريحات الداودي، أن الوزير لن يقدم استقالته بمحض إرادته ولكن إذا تقرر إجراء تعديل كبير على الحكومة يحتمل أن يكون لحسن الداودي أحد ضحاياه بناء على تصريحاته الصدامية.