استضافت كلية علوم التربية، اليوم الثلاثاء، محاضرة علمية، حول موضوع “وضعية السوسيولوجيا بالعالم العربي وسؤال الكونية” ، من إلقاء الرئيس السابق للجمعية الدولية للسوسيولوجيا الدكتور ساري حنفي.
وقدم الدكتور ساري حنفي، عرضا علميا انطلاقا من تجربته كرئيس سابق للجمعية الدولية للسوسيولوجيا، تطرق فيه لمجموعة من التساؤلات التي تتعلق بهذا العلم الذي يعد من أهم العلوم التي تعنى بدراسة المجتمعات الإنسانية والمجموعات البشرية والظواهر الاجتماعية.
وتناول السوسيولوجي ساري حنفي في عرضه مجموعة من الأسئلة التي تخص ربط الجماعة العلمية العربية بنظيراتها الدولية في محاولة لتطوير البحث العلمي الاجتماعي خاصة أن البحث العلمي الاجتماعي يتطلب المحلية والتدويل معا، متسائلا في نفس الوقت بخصوص مسألة كفاية التدويل وما هو دور الجمعية الدولية لعلم الاجتماع في تعزيز هذا العلم الكوني؟، مشيرا إلى مسألة “أننا نفكر ونكتب ليس لأنفسنا فقط أو لجامعاتنا ولقرائنا بل للعالم كله، حيث خلص في النهاية إلى اعتبار علم الاجتماع أحد العلوم التي ترتكز على أربعة مبادئ وهي التموضع والمقارنة وعلائقيٌ في منظوره التحليلي ثم العالمية الرخوة كما أسماها”.
وقدم ذات المتدخل، محاولة لإعطاء آفاق للسوسيولوجيا في العالم العربي عموما، واضعا عدة تساؤلات من قبيل “وما هي رهانات ذلك؟ وما الذي يجعلها غير منخرطة فيما هو كوني؟ وما هي الإمكانات التي يمكن أن تجعلها منخرطة فيه حتى وإن كان ضئيلا فهو ممتد عبر التاريخ حتى وإن كان أصحابه أقلية”.
من جانبه اعتبر الدكتور عبد الفتاح الزين في ذات السياق، بأن السوسيولوجيا في المغرب لم تتأسس في نطاق يقوم على لغة دون أخرى، “وينذر أن نجد باحثين أو كتابات لا يكون فيها الفرد غير مشتغل أو عارف أو دارس للغتين اثنتين على الأقل بشكل متوازن، وهذا ما أصبحنا نفتقده في جامعاتنا وفي باحثينا على الخصوص، هذا بالإضافة وفي إطار الاشتباك مع الإرث الكوني والذي يمكن أن نقول عنه إرث فرنسي أو إسباني، إلى طرح مفهوم الأفريكانية Afrikanisme والتي اعتبرها رهانا مغربيا إسبانيا لازال يؤثر في مجمل كتاباتهم السوسيولوجية حول المغرب”.
وتطرق نفس الباحث إلى مسألة الإنتاج الأنجلوساكسوني مفككا كذلك الإنتاج الكولونيالي متسائلا في نفس الآن “كيف استطاع الكولونياليون الأنجلوساكسونيون أن يشكلوا قاعدة ؟ وأن يعودوا في تحاليلهم للمغرب خاصة، والذي يعتبر بحق، مختبرا في التخصص بقضايا العالم العربي والإسلامي خاصة أن الذين طوروا الأنثروبولوجيا الأمريكية اشتغلوا بشكل كبير على المغرب”.
في نفس الإطار، شدد الباحث إلى أهمية الانخراط العالمي في كل المدارس، “ما سيجعل الباحث منفتحا في اشتغاله على جديد المعرفة الكونية بحيث سيعرف كيف يؤصّل وكيف يقدم الجديد في إنتاجاته بدل أن يعيد اجترار كل ما كتب في السابق، خاصة أنه لا يمكن أن يضع تنظيرا علميا أصيلا ورصينا دون التمكن من آليات التفكير وفق تطور البحث العلمي السوسيولوجي بحس نقدي أو كما سماه الدكتور الزين بالنقد المزدوج الذي أُنتج في سياق لم تكن فيه العولمة على ما هي عليه الآن، وغير منتج للتحليل المطلوب وفق نظرية أو مقاربة بول باسكون حول المجتمع المركب أو المزيج أو المختلط”.
يذكر أن العرض الأكاديمي الذي قدمه رئيس الجمعية الدولية للسوسيولوجيا سابقا هو عرض تحفيزي يروم تحفيز الشباب الباحثين لدخول غمار البحث العلمي، متسلحين بكل آليات التحليل السوسيولوجي الحديثة، داعيا إلى مشاركتهم في المنتدى العالمي للسوسيولوجيا والذي سيعقد لأول مرة في المغرب والذي حظي فيه بحق استضافة منتدى السوسيولوجيا العالمي لعام 2025 بمدينة الرباط.
ويُعتبر هذا المنتدى الدولي مكانًا علميًا عالميًا يجمع بين المهتمين والباحثين في مجال علم الاجتماع، كما سيكون منصة بارزة لعرض ومناقشة مختلف القضايا والتحديات العالمية المتعلقة بعلم الاجتماع، حيث من المتوقع مشاركة ما بين 5000 و6000 باحث يُمثلون 127 دولة مختلفة خلال الفترة من 7 إلى 11 يوليوز 2025، في هذا الملتقى والذي يعد فضاء عالميا للباحثين في علم الاجتماع، ويشكل محطة لمناقشة قضايا علمية بحثية إضافة إلى تناول قضايا مجتمعية في أبعادها الإقليمية والدولية، والتحديات الكبرى التي تواجه البشرية من منظور علم الاجتماع.
