الأخبارخارج الحدودمستجدات

ما هي الأحكام العرفية التي أشعلت الجدل والصراع في كوريا الجنوبية؟

الخط :
إستمع للمقال

تُعد الأحكام العرفية إحدى الأدوات المثيرة للجدل في السياسة الكورية الجنوبية، إذ ارتبطت تاريخيا بمراحل القمع السياسي والتوترات الوطنية، ورغم أن دستور البلاد يمنح الرئيس صلاحية إعلانها في حالات الطوارئ الوطنية مثل الحرب أو النزاعات المسلحة، فإن استخدامها ظل مرتبطا بتجاوزات السلطة وقمع الحريات، مما جعلها رمزا للصراع بين الديمقراطية والحكم الاستبدادي.

وفي هذا السياق، طرحنا في “برلمان.كوم” سؤالا حول الأحكام العرفية، وقد توصلنا من خلال البحث ومعالجة المعلومات المتوفرة، أن الدستور الكوري الجنوبي ينص على أن الرئيس يمكنه إعلان الأحكام العرفية عند مواجهة أزمات وطنية، مع إلزامه بإخطار البرلمان، وهذه الأحكام إلى نوعين: الطارئة والأمنية، حيث يمنح النوع الأول صلاحيات استثنائية تشمل تقييد حرية الصحافة والتجمع، وتعليق سلطات المحاكم المدنية.

ومن جهة أخرى يتيح الدستور للبرلمان إلغاء الأحكام العرفية إذا صوتت أغلبيته على ذلك، كما حدث مؤخراً عندما قررت الجمعية الوطنية رفع الأحكام العرفية التي أعلنها الرئيس يون سوك ي ول، مما أثار جدلاً سياسياً واسعاً.

وارتبطت الأحكام العرفية في كوريا الجنوبية بصفحات مظلمة من تاريخ البلاد، إذ استخدمتها الحكومات العسكرية لقمع المعارضة والسيطرة على المجتمع، حيث بدأ ذلك عام 1948 مع أول رئيس للبلاد، سينغمان ري، الذي لجأ إليها لقمع تمردات شيوعية، ثم عاد ليستخدمها خلال الحرب الكورية.

وتكررت هذه الممارسات بشكل بارز خلال حكم الديكتاتور بارك تشونغ-هي (1961-1979)، الذي فرض الأحكام العرفية عدة مرات لقمع الاحتجاجات المناهضة له.

وتجلت أكثر فترات القمع وضوحا في عام 1980 عندما استخدم الجنرال تشون دو-هوان الأحكام العرفية لتمديد سلطته بعد انقلاب عسكري، مما أدى إلى قمع احتجاجات غوانغجو الداعمة للديمقراطية، ورغم سقوط النظام العسكري عام 1988، فإن هذه المرحلة ظلت راسخة في الذاكرة الوطنية كدليل على استغلال الأحكام العرفية لأغراض سياسية.

وعاد الجدل حول الأحكام العرفية إلى الواجهة مع إعلان الرئيس يون سوك يول، الثلاثاء الماضي، لهذه الصلاحيات لفترة وجيزة احتجاجا على تخفيضات معارضة في ميزانية حكومته، وشمل القرار تقييد حرية الصحافة والتجمع، مما أثار ردود فعل محلية ودولية غاضبة.

ورغم تراجعه السريع عن القرار تحت ضغط البرلمان والمعارضة، فإن هذه الحادثة أعادت طرح التساؤلات حول التوازن بين الصلاحيات الرئاسية وحماية الديمقراطية.

وعلى مدى عقود، شكلت الأحكام العرفية أداة مثيرة للانقسام في كوريا الجنوبية، حيث مثلت بالنسبة للبعض ضرورة لحفظ الأمن، بينما اعتبرها آخرون رمزا للاستبداد.

ومع تقدم البلاد نحو تعزيز نظامها الديمقراطي، يبدو أن الحفاظ على التوازن بين استخدام السلطة واحترام الحقوق الدستورية سيظل تحديا مستمرا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

عاجل
زر الذهاب إلى الأعلى