أثارت الطريقة الاستعلائية التي تجاوب بها، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، والرئيس الأسبق للحكومة، عبد الإله بنكيران، مع شاب طلب منه مساعدته على ولوج إحدى مراكز التكوين، غضب من شاهدوا الفيديو، خصوصا وأن بنكيران أجاب الشاب بطريقة لا تليق بمسؤول حكومي سابق، كما أن هذا السلوك لا يليق بمسؤول حزبي يدعي تبني المرجعية الدينية، التي تنبني على الليونة والتعامل بلطف ورحمة مع الآخرين، وفوق هذا وذاك فهو سلوك لا يليق بمشاعر شاب يبحث عن حلول لمعالجة مشاكله.
وقد ظهر بنكيران في الفيديو المذكور، وهو يهم بركوب سيارته، بعد زيارته أمس الخميس، لضريح الملك الراحل محمد الخامس، قبل أن يفاجئه شاب ويطلب منه مساعدته على ولوج إحدى مراكز للتكوين، حيث رد عليه بنكيران بغرور وتكبر قائلا: ”جيب ليا الأوراق للدار عندي..” وحين قال له الفتى إن الوثائق موجودة بحوزتهة في تلك اللحظة، أبان بنكيران عن غضب مثير للانتباه وهو يرد عليه: “صافي قلت ليك جيب ليا الأوراق للدار عندي”، ليرد الفتى مرة أخرى: ”أنا ما عارفش الدار ديالك”، فيجيبه بنكيران بنرفزة: “ركب فالطاكسي بخمسة الدراهم وغايوصلك” ويتابع: “دابا انت ما قادرش تقلب حتى على الدار ديالي فين كاينة، إيوا سول شي حد يوريها لك، ثم أغلق في وجهه باب السيارة”.
وفي المقابل، وفي واقعة أخرى، اعترض رجل مسن، طريق المدير العام لقطب الأمن الوطني ومراقبة التراب الوطني، عبد اللطيف حموشي، خلال وصوله إلى ضريح الملك الراحل، محمد الخامس، ملتمسا منه توظيف ابنه في المؤسسة الأمنية ، ليرد عليه حموشي بأدب ولباقة ملحوظتين وباحترام تام لسن الرجل بالتوقف أولا والسلام عليه ثانيا ثم بالاستماع لطلبه باهتمام كامل وهو يقول: “مرحبا به، غير يدوز الامتحان ويلا نجح مرحبا به”.
وتظهر الواقعتان الفرق الكبير بين تعامل بنكيران الذي ينعم حاليا بريع التقاعد، والذي عات، مع فريق وزرائه أثناء قيادة الحزب للحكومة، بتوظيف المقربين والمنتمين للحزب بل حتى الأبناء وأفراد العائلة إلى درجة إغراق جل القطاعات بهذا وذاك، وبأساليب لا تمت للشفافية والموضوعية بصلة. وبين تعامل حموشي باعتباره رجل دولة مسؤول على الجهاز الأمني، الذي حرص على احترام المسطرة المعمول بها لتوظيف أبناء المغاربة في هذا الجهاز بكل مساواة بين أبناء الشعب وبين قدراتهم على التنافس ومؤهلاتهم لولوج هذه الوظائف، ولذلك فقد كان واضحا ومباشرا وهو يدعو المتقدم إليه بأن يجتاز ابنه المباراة التي تنظم كل سنة، وفي حال نجح فيها فهو مرحب به في المؤسسة الأمنية بعيدا عن أساليب الزبونية والمحسوبية و “باك صاحبي”، وتكريما للشاب نفسه.
ومن جهة أخرى فتصرفات بنكيران تظهر كيف يتعامل السياسي مع مطالب المغاربة، من خلال تمويه الشاب ودعوته للحضور لمنزله علما أن بنكيران ليست له أي سلطة لتلبية طلب هذا الشاب، بل على العكس إنه هو من أوقف مسطرة التوظيف المباشر عندما تولى رئاسة الحكومة، وقطع الطريق على أبناء المغاربة، في وقت شرّع أبواب مؤسسات الدولة للمنتمين لحزبه، وحتى الذين لا يتوفرون منهم على الكفاءة المطلوبة لولوج هذه المؤسسات، بل منهم من بقي مكلفا بمهمة في ديوان أخنوش حتى بعد رحيل الحزب عن الحكومة، عندما لفظه المغاربة في انتخابات 8 شتنبر 2021، والسيد جامع المعتصم القيادي في البيجيدي خير مثال على ذلك.