لوموند: “زمرة نظام العجائز” تجبر مواطني الجزائر على الصمت خوفا من عودة الحرب الأهلية
خصت صحيفة لوموند الفرنسية أول أمس الأربعاء الوضع السياسي الحرج في الجزائر، بمقال تحليلي تطرق للحالة الصحية المزرية لحاكم البلاد عبد العزيز بوتفليقة، وكذا للأوضاع الاقتصادية السيئة التي تعاني منها البلاد، معددة الأسباب والعوامل التي تجعل المواطن الجزائري صامتا على كل ما آلت له البلاد من تدهور، على كافة المستويات، بما في ذاك حالة النفور من الوطن لدى شريحة واسعة من جالية المهجر التي تتمنى العودة للبلاد لكن الظروف الحالية تقف سدا منيعا في وجهها.
وفي مقالها الذي عنونته بـ “الجزائريون يريدون عودة بلادهم للحياة“، وترجمته للعربية صحيفة “هافينغتون بوست عربي”، استعرضت لوموند رحلة الرئيس الجزائري الحالي مع وضعه الصحي الحرج، منذ إصابته بجلطة دماغية سنة 2013، وكيف بات الوضع الصحي لبوتفليقة حاجزا أمام ممارسة أنشطته الرئاسية العادية، بما فيها استقبال وفود الشخصيات السياسية الدولية، والتي ألغي عدد كبير منها في الفترة الأخير، حتى آخر لحظة، معتبرة أن خوف الجزائريين من المستقبل الاقتصادي والسياسي لبلدهم جعلهم “لا يتمنون موت رئيسهم بقدر ما يأملون عودة بلدهم للنهوض من جديد”.
واعتبرت الصحيفة في المقال التحليلي أن عزوف الجزائريين عن السياسة في بلدهم لا يأتي من كونه “خوفاً من القمع بقدر خوفهم من حالة “الوهم”، حيث غيبت الدولة المعنى الحقيقي للالتزام السياسي للمواطن”.
وتابعت الصحيفة “ورغم أن الشباب الجزائري عادة ما كان ينهض في وجه هذه الزمرة التي تمثل نظام “العجائز”، والتي ترفض التنحي عن السلطة، فإنهم يدركون جيداً ما عانته البلاد في أثناء حرب التحرير والحرب الأهلية خلال نصف قرن، وأن الفضل يعود للحكومة الحالية التي تمكنت من الحفاظ على الاستقرار الأمني في البلاد، ما يجعلهم يركنون إلى الصمت”.
لوموند رأت أنه وفي الوقت الذي “يفتقر الجزائريون إلى رؤية واضحة لمستقبل بلادهم.. تشغل بالهم العديد من الأسئلة؛ على غرار كيف سيواجهون الأزمة النفطية؟ وما الأوراق الرابحة التي يمكن أن يستغلوها لمواجهة تحديات القرن الحادي والعشرين؟ وما مكانة بلادهم في القارة الإفريقية؟ وكيف ستتعامل الجزائر مع محيطها العربي والمغاربي؟”.
وأضافت الصحيفة “وفي الوقت الذي يدّعي فيه المسؤولون داخل هياكل الدولة أن قوتهم تكمن في سرية تحركاتهم الدبلوماسية، يأمل الجزائريون التخلص فعلياً من أي تأثير للمحتل الفرنسي السابق على دبلوماسية بلادهم”.
وخلص المقال التحليلي للجواب على تساؤل “هل تعتبر فئة النخب استثناء في الجزائر؟ قطعاً لا، فأعدادهم كبيرة، ومن بينهم؛ مخرجون، ورؤساء شركات، وأدباء، وفوتوغرافيون، وعدة نخب شابة أخرى مفعمة بالطموح والموهبة، كما أن الجزائر ما زالت تكتظ بالمواهب الشابة التي تنتظر عودة بلادها من جديد للسير نحو طريق التقدم، وهؤلاء الموهوبون مستعدون لتحمل مسؤولياتهم. لذلك وجب مد يد العون لهم، وهذا ليس له علاقة بحالة الرئيس الصحية”.