تبقى أولى الأسباب الكامنة وراء عدم تعويل المجتمع المغربي كثيرا على الأحزاب لمواجهة الإرهاب، هو تخليها عن أبرز الأدوار المنوطة بها دستوريا وهو دور تأطير المواطنين. فهناك عدة معطيات تؤكد ضعف التأطير الحزبي للمواطنين، وهذا ما تترجمه على نحو قياسي نسب المشاركة في العمليات الانتخابية والعزوف السياسي الكبير عن التصويت، خصوصا خلال السنوات الأخيرة، علما أنها السنوات التي عرف فيها المغرب تحديثات استوجبت تعبئة سياسية كبيرة. وهكذا، وخلال انتخابات سنة2007 التي كانت بمثابة ناقوس الخطر الذي أظهر وجود شرخ بين الأحزاب والمواطنين، تبين أن مشاركة الهيأة الناخبة لم تتجاوز نسبة 37 في المائة، وإن كان عدد الأحزاب المشاركة في الانتخابات حينها بلغ 33 حزبا سياسيا.
إلى جانب ضعف التأطير الحزبي للمواطنين، تورد “الأخبار” في عدد الإثنين، يظهر أن الأحزاب السياسية لا تضع ضمن أهدافها الاستراتيجية تعزيز الأمن ومحاربة الإرهاب، مع أنها تحديات محورية في المغرب. وفي هذا الصدد، أوضح إلياس العماري، نائب الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة، كونهم كحزب ينتمي إلى المعارضة لا يتوفرون على آليات حقيقية لمواجهة الإرهاب كالأحزاب المشاركة في الحكومة، مشيرا إلى أن حتى المعلومات عن الخلايا الإرهابية ليست متوفرة لديهم، ولا يدرون بتفكيك أي خلية إرهابية إلا عبر وسائل الإعلام. وقال إلياس العماري إن حزب الأصالة والمعاصرة طالب في مرات عديدة بإلغاء العنف من المناهج التعليمية التربوية، وتغيير السلوكات العنيفة في المدرسة والشارع، وتربية المناضلين والمناضلات على الاختلاف وقبول الآخر كما هو، وعدم السقوط في العنف. وطالب العماري الحكومة بالكف عن المزايدة بآفة العنف، وإشراك المجتمع سواء المعارضة البرلمانية أو المعارضة من خارج البرلمان أو المجتمع المدني، مؤكدا أن أي حزب لا يستطيع لوحده أن يواجه الإرهاب، لأنه قضية وطنية ويجب أن تتكاثف الجهود للقضاء عليه.
ومن جهته، اعتبر عبد الحق باسو، خبير في الدراسات الاستراتيجية الأمنية، أن إعداد برامج لتحصين المواطن ضد آفة التطرف ليس بالشيء الهين ويتطلب درجة خاصة ونوعا من التخصص، ليس في ما يخص أمور الدين فقط، بل كذلك في ما يخص الشؤون النفسية والمجتمعية والقانونية والأمنية، إلى غيرها من الميادين التي تتداخل لتكوين برنامج أو خطة متكاملة لتحصين المواطنين ضد الإرهاب. وأوضح أن مهمة حماية الشباب من التطرف تفوق إمكانيات الأحزاب، مشيرا إلى أن الفصل السابع أناط بالأحزاب السياسية مهمة تأطير المواطنين، وهذا التحصين هو من صميم مهمة التأطير، إلا أن هذا العمل يتطلب تجاوز الانقسامات التي تمليها السياسة والعمل داخل روح وطنية وإطار شمولي.
الخط :