لماذا تسجل اليابان وتركيا تفاوتات شاسعة في حصيلة الزلازل؟
يُذكر الزلزال الذي شهدته اليابان، هذا الأسبوع، بالزلزال الذي شهدته تركيا في فبراير من العام الماضي، نظرا لتقارب قوتهما، إذ بلغت قوة زلزال تركيا 7.8 بينما في اليابان بلغت 7.6 على سلم ريشتر. إلا أن حصيلة الضحايا لم تكن بهذا التقارب، حيث سجلت تركيا أكثر من 59 ألف قتيل، مقابل 62 وفاة فقط في اليابان إلى حدود الآن.
هوة كبيرة في الحصيلة والخسائر تسجل بين البلدين رغم أن الشدة تقريبا واحدة. وهذا ما يطرح تساؤلات حول أسباب وعوامل هذا التفاوت بين البلدين المتشابهين في كثير من الجوانب، فكلتاهما لديهما عدة تصدعات نشطة وتاريخ من الكوارث ولديهما سجل تاريخي من الصدمات الجيولوجية الكبيرة والمتكررة. ولكن المقارنة تظهر أن تجربتهما تتباين بقوة.
ومن بين هذه العوامل؛ أشار تحقيق أجرته وكالة الأنباء الألمانية إلى أن زلزال اليابان ضرب شبه جزيرة محاطة بالمياه من جانب واحد. فيما ضرب زلزال تركيا منطقة مغلقة مكتظة بالسكان على الحدود مع سوريا. وكانت المدينة الأكثر تضررا غازي عنتاب، التي لجأ للإقامة فيها الملايين من الفارين من الحرب الأهلية في سوريا.
ومن جهة أخرى؛ اعتبر التحقيق الألماني أن الصراع السياسي يشكل بدوره عاملا آخر في رفع حصيلة الضحايا. وأوضح أن جهود الإنقاذ العالمية لتركيا واجهت تحديات عميقة، ما أدى لتأخير المساعدة التي يحتاجها المصابون والمرضى. مضيفا أن الكثير من منظمات الإغاثة الدولية التي كان من شأنها المساعدة كانت متواجدة بالفعل في غازي عنتاب، لذلك فقد كانت تعاني من الأضرار التي تعرضت لها.
كما كان يواجه وصول المساعدات إلى تركيا صعوبات أيضا في كون الممر الوحيد الذي تجيزه الأمم المتحدة لجلب المساعدات الدولية إلى شمال غرب سوريا كان لا يعمل لفترة من الوقت، بسبب الأضرار التي لحقت بالمنطقة. إضافة إلى الحرب الأهلية في سوريا والانقسام في المنطقة والعلاقات التي تتسم بالحدة بين الرئيس بشار الأسد والكثير من الدول الغربية، بحسب صحيفة نيويورك تايمز.
وفي المقابل؛ تعتبر اليابان نموذجا للاستقرار الاقتصادي والاجتماعي، وفقا للمنتدى الاقتصادى العالمي. وأدت نفس الطبيعة الجمعية، التي ساعدتها في مواجهة جائحة كورونا بنجاح من خلال ارتداء الكمامات بطريقة موسعة والحد من عمليات تسريح الموظفين ورفع معدلات التوظيف، إلى مساعدتها في التعامل بسرعة وبكفاءة مع الزلازل.
فبعد يوم من وقوع الزلزال؛ قامت اليابان، يشير التحقيق الصحفي، بنشر 10 آلاف من أفراد قوتها العسكرية للمساعدة في جهود الإنقاذ والإغاثة. وأكد التحقيق بذلك على أن الاختلاف الكبير بين تعاطي البلدين هو الاستعداد. معتبرا أن الزلازل لا تقتل، المبانى سيئة التشييد هي من تقوم بذلك.
وأشارت الوكالة الألمانية إلى أن اليابان جعلت السلامة من النشاط الزلزالي أولوية وطنية، حيث قامت بإنشاء رمز البناء الزلزالي الذي يعد الأكثر صرامة في العالم. مبرزة في هذا السياق أن اليابان أيضا سجلت عدة خسائر مادية كبيرة إثر الزلزال من انهيارات كبيرة وحرائق وغمر بالمياه.. إلا أنها لم تطل المباني بنفس الوقع بسبب تصميم البناء.
هذا، واعتبر التحقيق أن اليابان استفادت من تجربتها المفجعة السابقة، ففي عام 1923 دمر زلزال بقوة 7,9 درجات مدينة طوكيو، ما أسفر عن مقتل 105 آلاف شخص. وخلال عام بدأت الحكومة اليابانية بالفعل في تدشين مبان للبناء المقاوم لزلازال، ما مثل بداية التصميم الهيكلي المقاوم للزلزال في العالم.
وأضاف: خلال زلزال 2011 القوي، كان حجم الضرر في طوكيو محدودا. فقد اهتزت الأبراج السكنية بصورة مقلقة لعدة دقائق، ولكنها لم تسقط.