الأخبارسياسةمستجدات

لأي شيئ تصلح دبلوماسيتنا الرخوة؟

الخط :
إستمع للمقال
 صوت أغلب نواب البرلمان الأوروبي يوم الخميس 17 دجنبر بستراسبورغ، لصالح إجراء تعديلات على تقرير حقوق الإنسان المتعلق بالأقاليم الجنوبية المغربية لسنة 2014. وتنص هذه التعديلات على المطالبة بتوسيع صلاحيات بعثة “المينورسو” لتشمل مراقبة حقوق الإنسان بهذه الأقاليم، وبالسماح لبعثات البرلمان الأوروبي والمراقبين المستقلين والمنظمات غير الحكومية والصحافة بزيارتها والوقوف على الأوضاع الحقوقية فيها.
ويأتي هذا التصويت بعد أيام قليلة من إصدار محكمة العدل التابعة للإتحاد الأوروبي لقرار معاد للمغرب يقضي بإلغاء الاتفاق الفلاحي المبرم بين المغرب والاتحاد بدعوى شموله للأقاليم الجنوبية. و قبل هذا و ذاك تلقى المغاربة صفعات ديبلوماسية عديدة كان من الممكن و المفروض تفاديها.
والواقع أنه منذ سنين، مافتئت الدبلوماسية المغربية، الرسمية منها و الموازية، تتلقى الضربات الواحدة تلو الأخرى، وتجر الخيبات  بسبب عدم قدرتها على مواكبة الإيقاع الدبلوماسي للقوى المتربصة بمصالح و وحدة المغرب الترابية، و ذلك رغم الإمكانيات المالية، الظاهرة منها و الباطنة، التي تضعتها الدولة رهن إشارتها.
ولحسن حظ المغاربة أن ثمة مؤسسة ملكية لها مكانة خاصة في الساحة الدولية تسمح لها بالتدخل لإنقاذ الموقف لتفادي ما يهدد مصالح الوطن، وبنسج علاقات شراكة وتعاون دولي، ما يجعل المغرب حاضرا كدولة فاعلة ومؤثرة في القرار الدولي.
هذا الواقع يؤشر إلى أننا أمام دبلوماسية رخوة وتسير ببطء، ويدفع الكثير من المراقبين إلى الاعتقاد بأن عجزها في الدفاع عن مصالح المغرب والتأثير في المحيط الخارجي مرده إلى افتقارها لسياسة وخطة عمل واقعية وناجعة للتعاطي مع الأحداث والوقائع والقرارات الدولية، خاصة تلك التي تهم  قضايا الوطن. هذا دون الحديث عن الموارد البشرية التي تفتقر للقدرة على التواصل والإقناع، إما لعدم إلمامها بالمواضيع والملفات التي تُكلف بالدفاع عنها، أو لأنها غير مؤهلة أصلا لتولي المناصب المسنودة لها والتي تتطلب كفاءة وتجربة وحنكة ودراية بالملفات الوطنية والدولية.
وهنا نتساءل هل تحولت الدبلوماسية المغربية، المباشرة و الملتوية، إلى ذاك الجسد الثقيل و البطيء الذي يؤخر سرعة السير؟ وهل قدر المغاربة أن يعتمدوا على شخص الملك وحده لربط علاقات دبلوماسية قوية وفاعلة إقليميا ودوليا؟ وهل عليهم  الاعتماد عليه وحده كذلك لتصحيح أخطاء هذه الدبلوماسية ذاتها؟ أ ينتظر ديبلوماسيونا من الملك الانتقال شخصيا إلى مقر البرلمان الأوروبي بستراسبورغ و أمام محكمة العدل الدولية ليحقق ما عجز عنه أولائك الذين أسندت لهم مهام الدفاع عن مصالح الوطن الخارجية؟
هذه المعطيات تدفع إلى الجزم بأن الدبلوماسية المغربية بكل مكوناتها أصبحت غير قادرة، في هذه المرحلة، على تمثيل المملكة والدفاع عن مصالحها دوليا، وفشلت في التعريف بما تم تحقيقه في مجال التنمية الاقتصادية والاجتماعية و في مجال حقوق الإنسان  والحريات بمختلف ربوع البلاد، وفي الحضور الفاعل والمؤثر في التجمعات والهيئات والمنظمات الدولية. فمتى ستعيد هذه الدبلوماسية النظر في طريقة  تسييرها وعملها؟
من جهة أخرى، لا يمكن الحديث عن عجز دبلوماسيتنا في مواجهة التحركات الحثيثة لدبلوماسية الخصوم، دون الحديث عن خفوت دور الإعلام الوطني في التسويق لما حققه المغرب من تحولات عميقة على المستوى الإقتصادي والتنموي و السياسي والحقوقي.
فإعلامنا الوطني على سبيل المثال، صار مستوردا للخبر والفكرة بدل تصديرهما، فهو عاجز عن التعريف بحقيقة الأوضاع ببلادنا، والترويج للجهود المغربية المبذولة لضمان حقوق ورخاء ساكنة جنوب المملكة. فقد صار أداة هامدة و فاشلة أمام أيادي خبيثة تنسج الأكاذيب والشائعات ليل نهار لتنفثها في المجتمع الدولي، لكي تؤلبه على المغرب.
فمتى يصبح إعلامنا مبادرا ومنتجا وقادرا على إيصال حقيقة الأوضاع كما هي للمجتمع الدولي، بدل الانغلاق على نفسه، وترديد ما لا يحتاجه المواطن والمجتمع الدولي من أخبار؟
منذ تربع الملك محمد السادس على العرش سنة 1999، قطع المغرب، بشهادة الخصوم قبل الأصدقاء، أشواطا جبارة في كل الميادين و تغير وجه المغرب اقتصاديا و سياسيا و حقوقيا. لكن الواقع يفرض علينا اليوم أن نعترف بأن دبلوماسيتنا، الرسمية و الموازية، المباشرة و غير المباشرة، و كذا إعلامنا العمومي لم يسايرا الركب و لا الوتيرة التي يشتغل بها ملك البلاد، حيث أصبح هذان القطاعان نقطة الضعف التي تعطل سير قاطرتنا التنموية و تجرها إلى الوراء.
لذا آن الأوان لمساءلة المسؤولين عن هذا الوضع و لإعادة النظر في الأداتين الدبلوماسية والإعلامية حتى تضطلعا بمهمتهما في تسفيه الأباطيل التي يروج لها الخصوم، قصدهم من ذلك تشويه صورة بلادنا والمس بسيادتها الوطنية. و حتى تكون دبلوماسيتنا أداة حية و نشيطة ذات دينامية تأخذ المبادرة بدل الركون في موقع ردود الأفعال التي لم يعد يقبلها المغاربة.

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. ماذا تتوقع. من امور اسندت الي غير اهلها والابتعاد. سياسة. باك صاحبي و هاذا من عندنا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

عاجل
زر الذهاب إلى الأعلى