في ظل لامبالاة حكومة أخنوش.. “برلمان.كوم” يختار جماعة “كيكو” كمثال على التهميش والحرمان (فيديوهات)
![](https://www.barlamane.com/wp-content/uploads/2025/02/IMG-20250210-WA0027-780x470.jpg)
حط موقع “برلمان.كوم” الرحال بجماعة كيكو التابعة لإقليم بولمان ليرصد معاناة إنسانية، ومهزلة حقيقية، تبصم بالعار والفضيحة على جبين حكومة عزيز أخنوش.
وبينما نقدم هذا النموذج المؤلم كمثال على الإهمال الذي يواجه به رئيس الحكومة بعض المناطق، علما أنه يتردد على مدينة أكادير التي يدبر مجلسها الجماعي ليسجل فيديوهات عن إشرافه وحرصه على تتبع مشاريع التنمية هناك، وافتتاحه للمعارض الدولية، نؤكد أننا نخاطب فيه هنا رئيس الحكومة، الذي لا يجب أن تكون نظرته للتنمية المجالية ذات بعد انتخابي وموسمي، خاصة أن المشاريع التي يتكلم عنها في أكادير تندرج ضمن المخططات الحضرية التي أعطى انطلاقتها الملك محمد السادس.
إن فشل حكومة أخنوش في الاستجابة للمطالب الأساسية، بل البسيطة والمتواضعة، لساكنة العديد من المناطق المحرومة، دليل صارخ على النظرة الضيقة والموجهة وغير المنصفة التي تتعامل بها الحكومة مع مناطق الظل والمناطق المحرومة والنائية.
فجماعة كيكو التابعة لإقليم بولمان تعيش وضعا كارثيا لا يليق بساكنتها، بالرغم من أن الجماعة تساهم بشكل كبير في تمويل الاقتصاد المحلي من خلال إنتاجها الزراعي، إلا أنها تعاني من تهميش ممنهج بسبب سوء التسيير وضعف إدارة مجلسها الجماعي الذي يكتفي بتكديس المشاكل والتهميش وانعدام المسؤولية، دون خلق أية مشاريع تنموية تُذكر، أو تفكير في الإصلاح وتحمل المسؤولية السياسية التي منحته إياها صناديق الاقتراع.
ويبدو أن المجلس الجماعي في كيكو يعيش في عالم غير مدرك لحجم الغضب الذي يتصاعد بين المواطنين، وكأن الجماعة ليست سوى حقل تجارب لفشلهم الذريع في التسيير. فكيف لساكنة تصارع البرد القارس وانعدام المرافق الأساسية أن تتحمل مجلسا عقيما لا يجيد سوى تمرير الميزانيات الفارغة؟ وكيف له أن يُغذي المشاكل التي تراكمت حتى أصبحت قنبلة موقوتة؟
وفي هذا السياق، تحدث موقع “برلمان.كوم” مع رشيد حجوب، وهو ممثل الساكنة عن الدائرة 18 بجماعة كيكو بإقليم بولمان، الذي أكد أن الجماعة تحصل سنويا على قرابة 420 مليون سنتيم كعائدات من “TVA”، وهو نفس المبلغ الذي حصلت عليه السنة الماضية، إلا أن المفاجأة الصادمة أن 361 مليون سنتيم منها تُستهلك في رواتب الموظفين، ما يعني أن الجماعة بالكاد تستطيع دفع أجور موظفيها، بينما تبقى التنمية وتحسين ظروف العيش خارج المعادلة! فأين تذهب الأموال المخصصة للبنية التحتية؟ ولماذا يتم التصويت على ميزانيات عاجزة لا تُلبي الحد الأدنى من احتياجات الساكنة؟
حُفر وظلام دامس وروائح كريهة
وقف موقع “برلمان.كوم” على الحالة المزرية للطرقات في جماعة كيكو وشَهدَ على الإهمال الفادح الذي يطال المنطقة، فالحفر منتشرة في كل زاوية، والمواطنون يجدون أنفسهم مضطرين إلى التعايش مع وضعية أقل ما يقال عنها أنها مهينة، دون أي استجابة من المجلس الجماعي الذي يتهرب من مسؤوليته تجاه المواطنين.
وفي الوقت الذي تتوفر فيه أغلب الجماعات المجاورة على شبكة إنارة عمومية، تظل جماعة كيكو غارقة في الظلام الدامس، فالانقطاع المتكرر للكهرباء يعرض حياة السكان للخطر، خاصة مع انتشار الكلاب الضالة التي تشكل تهديدا حقيقيا على المارة، في ظل غياب تام لأي حلول ملموسة.
إضافة إلى كل هذا، تعاني الجماعة، وفقا لتصريحات الساكنة، من كارثة بيئية أخرى تضرب المنطقة، حيث يعيش السكان على وقع التلوث القادم من مطرح النفايات العشوائي، والذي ينشر الروائح الكريهة والأمراض بين المواطنين، كما أن الكلاب الضالة وجدت في هذا المطرح ملجأ لها، مما يزيد من خطورة الوضع، بينما المجلس الجماعي يكتفي بالمشاهدة دون أن يحرك ساكنا.
والمطرح الحالي في الجماعة لم يعد مجرد مكب عشوائي للنفايات، بل تحول إلى كارثة بيئية تهدد حياة السكان بشكل مباشر، فأكوام الأكياس البلاستيكية المتناثرة، ونفايات متحللة تنبعث منها روائح كريهة، وسموم تتغلغل في الهواء والتربة، تجعل من هذا المطرح قنبلة بيئية قابلة للانفجار في أي لحظة.
الرعاية الصحية وتحدي المُواصلات
إذا كان الإنسان بحاجة إلى الرعاية الصحية كأبسط حقوقه، فإن ساكنة كيكو محرومة منها، فالنساء الحوامل يجدن أنفسهن مجبرات على قطع مسافات طويلة للوصول إلى مستشفى يفتقر إلى أبسط التجهيزات، في حين لا يوجد أي اهتمام من طرف المجلس الجماعي الذي يترك المواطنين يواجهون مصيرهم دون تدخل يُذكر.
ومن جهتهم، الموظفون في المستشفى لا قدرة لهم على علاج المرضى، حيث يوجهونهم إلى مدينة فاس أو ميسور. كما يعاني السكان من غياب شبه كُلي للمواصلات، حيث تبعد الإدارات العمومية عنهم بحوالي 120 كيلومترا، ما يجعل قضاء أبسط الأمور اليومية معاناة حقيقية.
وفي ظل كل هذه المآسي، لا يمكن تحميل المسؤولية سوى للمجلس الجماعي الذي أثبت فشله الذريع في تسيير الجماعة. خصوصا وأن ساكنة كيكو تستحق وضعا أفضل، ومن العار أن تستمر هذه المهزلة دون محاسبة، حيث أثبت المجلس الجماعي الحالي أنه غير قادر على تدبير الشأن المحلي، وحان الوقت لتحركات جادة لمحاسبة المتورطين في هذا الإهمال.
البرد لا يرحم
من جهة أخرى، البرد هنا في كيكو ليس مجرد إحساس، بل معركة يومية يخوضها السكان للبقاء على قيد الحياة، “الحطب حياتنا”، تقول لالة زهور بحسرة لموقع “برلمان.كوم”، وهي تشير إلى كومة صغيرة من الحطب جمعتها بشق الأنفس، فلم تعد القدرة على تأمين التدفئة أمرا سهلا، فأسعار الحطب ارتفعت بشكل جنوني، حتى باتت النار التي تلجأ إليها الأسر للاحتماء من الصقيع تلتهم جيوبهم قبل أن تمنحهم الدفء.
“الشتاء هنا لا يرحم، ونحن منسيون”، تضيف لالة زهور بصوت مُتهالك، وهي تحكي عن ليال طويلة يقرع فيها البرد الأبواب والنوافذ، يتسلل إلى العظام، فيما لا يجد الأطفال سوى بطانيات لمحاولة الاحتماء من موجات الصقيع القاسية، العيش في كيكو يعني الاستعداد لمعركة قاسية كل عام، حيث يصبح الحطب عملة نادرة، وأسعاره تتراوح بين 14 و28 ريالا للكيلوغرام الواحد، وهو ما يرهق ميزانيات العائلات التي تعيش في الأصل على أنشطة فلاحية بسيطة بالكاد توفر قوت يومها.
وفي الطرف الآخر من البيت، كان محمد دهماني، حفيد لالة زهور، وهو الذي لا يرى في كيكو سوى مستقبل ضبابي، “معظم الشباب هنا لا يجدون خيارا سوى الرحيل”، يقول محمد بأسف، متحدثا عن نزيف الهجرة الذي تعاني منه المنطقة، لا فرص عمل، لا مشاريع تنموية، لا مستقبل واضح، فقط واقع قاسٍ يدفع الشباب لحزم حقائبهم والمغادرة بحثا عن الحياة.
“نحن بحاجة إلى حماية الساكنة، إلى استثمارات حقيقية، إلى مشاريع تزرع الأمل في نفوسنا”، يضيف محمد بحزم، وهو يؤكد أن البقاء هنا أصبح ضربا من العناد في وجه واقع لا يرحم، فحتى الفاتورة الكهربائية التي يمكن أن تخفف قليلا من معاناة الأهالي تثقل كاهلهم، مما يجعلهم يطالبون المسؤولين بخفضها لمساعدتهم على تحمل نفقات الحطب المرتفعة.