عزيز حاكمي
لا يكاد يمر مؤتمر من مؤتمرات الاحزاب الوطنية، التي لها تاريخ طويل في النضال الوطني مشهود لا ينكره جاحد حتى ينهال علينا سيل جارف من الاخبار عن الصراعات والصدامات التي لا تجد حلها بالطرق الديمقراطية المتعارف عليها، أي عن طريق الحوار والاقناع. إنما قد ترتفع لغة التصعيدإلى التهديد و قد يصل في بعض الاحيان حد الاعتداء الجسدي.
ما يجري اليوم داخل بيت حزب التقدم و الاشتراكية هو مشهد ألفناه لكثرة ما تكرر في احزاب اخرى الى الامس القريب.
فالاختلاف داخل الحزب الواحد امر طبيعي وان يضم الحزب اكثر من وجهة نظر ويجمع بين تصورات مختلفة شيء مرغوب و محمود.
هو دليل اذن على دينامية الحزب وحيويته ففي “الاختلاف حياة وفي التماثل ممات” وهذا ليس استثناء مغربي بل نجد ذلك حتى في احزاب الديمقراطيات العريقة كخاصية ملازمة يقتضها قانون التقدم.
إنما الاستثناء المغربي يكمن في تحول هذه الدينامية إلى نزاعات شخصية تغذيها رغبات افراد في القيادة وحب الزعامة، فتصير بذلك قيادة مشلولة عاجزة عن تقديم أية قيمة اضافية للحزب بقدر ما تجتهد كثيرا في تعبيد الطريق لمصالحها ومصالح مريدها. وهي في ذلك مستعدة لتقديم اية تنازلات مقابل ان لا تمس مصالحها حتى ولو كانت على حساب الحزب ومبادئه.
وهذا يعتبر من مظاهر ازمة الممارسة السياسية في المغرب .إن لم نقل بئسها .فبعدما كانت القيادة رمزا و تجسيدا لقيم ومبادئ تستمد مشروعيتها من الجماهير.اصبحت اليوم بضاعة قابلة للترويج وخاضعة لقانون “المركتنغ السياسي”. وبعدما كانت السياسة قائمة على مشروع اجتماعي مستقبلي يغذي الآمال ويفتح امكانية استئناف الحلم .اصبحت اليوم ممارسة يومية مملة.