يبدو أن عبد الاله ابن كيران، بعد أن عجز عن فرض شروطه ووجهة نظر حزبه، في طريقة وأسلوب تشكيل الحكومة المقبلة، بدأ يناور ويلجأ إلى أساليب أقل ما يقال عنها أنها تندرج في سياق “الابتزاز السياسي” والتهديد بالانسحاب من اللعبة ، إذا لم تقبل باقي الأطراف السياسية تصوره لما يجب أن تكون عليه هذه الحكومة .
فبدل أن يسارع رئيس الحكومة المعين إلى الإعلان عن التشكيلة الحكومية، التي طال انتظارها، فوجئ المغاربة والمتتبعون للبازار السياسي المغربي ولتطورات المخاض العسير لمفاوضات زعيم الحزب الأغلبي، بشريط فيديو، نشر أمس الاثنين، عبر مختلف الوسائط الالكترونية لـ”البيجدي”، يتضمن كلمة لابن كيران ، قيل، والله أعلم، إنه ألقاها في اجتماع للجنة الوطنية ، يعود تاريخه إلى 5 نوفمبر الجاري (بعد مرور 10 أيام؟).
حاول رئيس الحكومة المعين، في هذه الكلمة، التي يحوم الشك حول تاريخ تسجيلها، وإلا ما الداعي إلى عدم بثها في حينه والانتظار إلى غاية اليوم.. ؟، (حاول) تقديم جملة من التبريرات غير المقنعة وراء عجزه عن تشكيل الحكومة ، من خلال الهروب إلى الأمام وإلقاء المسؤولية على الأطراف الأخرى .
ويصور ابن كيران الأمر وكأن الكل يتآمر عليه وعلى حزبه، معتبرا أن الأطراف السياسية التي يرغب في أن تدخل معه شريكة في الأغلبية الحكومية، عليها فقط أن تصغي إلى تصوره هو، وأن تقبل هذا التصور دون نقاش. فإذا لم يكن هذا “ابتزازا سياسيا”، فماذا يسميه ابن كيران يا ترى ؟.
لوحظ أيضا أن ابن كيران يلجأ إلى “شخصنة” الأمور، خاصة لدى حديثه عن مشاركة حزب الاستقلال في التشكيلة الحكومية. وبدل الحديث عن الهيئة السياسية كمؤسسة، فضل أسلوب التشخيص من خلال مدح شخص غريمه السابق، حميد شباط وإضفاء صفة البطولة والرجولة عليه ، قائلا ،”إن شباط وقف موقف البطولة والرجولة”.
يبدو أن رئيس حزب المصباح يريد أن تتم “مبايعته” من طرف الأحزاب السياسية بدل الحوار معها من أجل الوصول إلى اتفاق حول برنامج واضح يخرج المغاربة من هذه الحلقة المفرغة.
لكن المتتبعين، وقفوا باستغراب أكثر عند ، مقطع ورد في كلمة ابن كيران، عندما تحدث عن “الأقلية” و”الأغلبية العددية” ، مذكرا المغاربة بدروس ، لعلهم نسوها ، في الرياضيات والجبر والمنطق وغيرها من الأمور التي تعلموها في المدارس.
ولم يفت هؤلاء المتتبعين، الربط بين كلام ابن كيران في هذه النقطة بالذات، وبين ما تضمنه الخطاب الأخير للملك محمد السادس بمناسبة ذكرى المسيرة الخضراء، عندما أكد أن المغرب يحتاج لحكومة “جادة ومسؤولة”، مشددا على أن الحكومة المقبلة،” لا ينبغي أن تكون مسألة حسابية، تتعلق بإرضاء رغبات أحزاب سياسية، وتكوين أغلبية عددية، وكأن الأمر يتعلق بتقسيم غنيمة انتخابية”.
وبالاستماع بتمعن لكلمة ابن كيران، يمكن لأي متتبع نزيه أن يتساءل: أليس ما قاله رئيس الحكومة المعين في هذا السياق ، هو رد مباشر على الرؤية الملكية لطبيعة الحكومة التي ينتظرها المغاربة لمواجهة التحديات في المرحلة القادم..؟
بالإضافة إلى ذلك ، سجل المتتبعون باستغراب غياب أية إشارة في كلمة ابن كيران ، وكذا في تصريحاته السابقة، وخاصة تلك التي تخللت مشاورات تشكيل الحكومة ،إلى البرامج والإصلاحات التي يفترض أن يتوافق حولها أطراف التحالف الحكومي ، وهي النقطة التي توقف عندها الملك أيضا في ذات الخطاب ، عندما قال : “إن الحكومة هي برنامج واضح، وأولويات محددة، للقضايا الداخلية والخارجية (…) قادرة على تجاوز الصعوبات التي خلفتها السنوات الماضية، في ما يخص الوفاء بالتزامات المغرب مع شركائه”.
فما هي يا ترى، الرسالة التي أراد ابن كيران توجيهها ، ومن هي الجهة المقصودة بهذه الطريقة الجديدة في الحوار و التواصل؟