لقد انبلج الوجه الثاني لعزيز هناوي من أكمّة السواد الذي يسكنه، مثلما تنبلج “خضراء الدّمن” من مطرح الأزبال والنفايات والأسمال البالية.
لقد تجلى عزيز هناوي على سليقته، في تطرفه وتعصبه، وكشف عن سريرته التي لا تقبل الانتقاد ولا الاختلاف، مثل أي مريد أو سليل تربى في الحسينيات والحوزيات العشوائية خارج إطار الشرعية والمشروعية.
لقد كنا “نتوجس” من الوجه الثاني لعزيز هناوي، ولكننا لم نكن ندرك أنه في نسخته الثانية يلامس الإسفاف والابتذال، وينهل من معين الخصومة والسباب، ويقارع الاختلاف بلغة الظلاميين الذين يتوسمون في ذواتهم الفرقة الناجية وما دونهم في النار.
هكذا اندفع عزيز هناوي، بنزق الأطفال، يحارب الأشباح، مدججا بمعرفته العميقة بهم، باعتباره واحدًا منهم، ويعرف جيدا “تحرمياتهم” كما قال آنفا.
ألم يكن عزيز هناوي موظفا عموميا في قطاع حكومي؟ بيد أنه يشتغل في الواقع، وبدوام كامل، لفائدة إيران وحماس وحزب الله أكثر من اشتغاله لفائدة الدولة المغربية!
فمن هو الشبح الآن؟ أليس هو عزيز هناوي الذي كان يتقاضى راتبه من دافعي الضرائب، بينما يدين بالولاء لإيران والبراء من المغرب.
ولعلّ من موحشات عزيز هناوي أنه قدّم نفسه مواطنا مغربيا منافحا عن قضايا المغرب، والحال أن رصيده محفظ ومسجل حصريا باسم فلسطين وإيران وحماس وحزب الله!
أكثر من ذلك، فسذاجة عزيز هناوي تحتمل كثيرا من الألس والرعونة، خصوصا عندما انبرى يطالب الدولة المغربية بموافاته بنسخة من تقاريرها الاستخباراتية وقراراتها السيادية الخاصة بأمنها القومي.
فالرجل صنع لنفسه مرصدا سحابيا، يأكل منه طرف ديال الخبز، ويقاوم من خلاله آفة النسيان، التي اعتبرها غابريال غارسيا ماركيز مناط الموت وموجبه أكثر من الشيخوخة، لكنه تجسّم في نفسه أكثر من هذا الواقع ، وتجاسر على الدولة ودبلوماسيتها بكلام الحواري الذي يطبع وجهه الثاني.
ولئن كنا نؤمن كمغاربة بحق عزيز هناوي في أن يلهج ويصدح بالشعارات الرنانة، لعلّها تُكبّر ظله المتواضع في انعكاسة الشمس في ساعات الهجير، لكن ما ليس من حقه هو أن يحجر على عقول الناس، ويصادر حقهم في الاختلاف، باللعب على حبال قضية مقدسة عند الجميع.
فعزيز هناوي هو مجرد موظف شبح، وفي أقصى تجلياته هو مسير لأصل تجاري قوامه فلسطين والتطبيع وإيران والمقاومة. وهذا هو حده الطبيعي، الذي لا يسمح له بالتطاول على الصحفيين بكلام موغل في الشعبوية ومسرف في قلة الحياء .
ولم يرعوي عزيز هناوي وهو يجادل صحفيا بالتجريح والتقريع، بل انبرى كذلك يدافع عن زميله في الأصل التجاري أحمد وايحمان، مثله في ذلك مثل “صعصع” الدرب، الذي يمتشق المدية والمنجل لتطويع الخارجين عن قمقم أشباحه.