عدة دول من مجموعة التنمية لأفريقيا الجنوبية “SADC” تنتفض ضد وصاية بريتوريا والمناورات الجزائرية

أعربت مالاوي، في قطيعة واضحة مع الخط الذي تفرضه بريتوريا، في مذكرة شفوية مؤرخة في 11 أبريل، عن رفضها القاطع لتوقيع الأمانة التنفيذية لمجموعة التنمية لأفريقيا الجنوبية (SADC) على ما يسمى باتفاقية تفاهم مع الكيان الانفصالي المعلن ذاتيا “البوليساريو”، الذي ترفض غالبية الدول الإفريقية شرعيته.
وقد تم توقيع هذه الوثيقة في 2 أبريل في غابورون (عاصمة بوتسوانا) بدفع من جنوب إفريقيا، الداعم اللامشروط للجزائر، دون أي تشاور أو موافقة مسبقة من الدول الأعضاء في المجموعة، التي تضم ستة عشر بلدا. إذ وقع هذا الاتفاق في الخفاء، دون تفويض أو موافقة جماعية، وقدم باسم جميع أعضاء المجموعة، في انتهاك صارخ للمعاهدة التأسيسية لـSADC وميثاقها، ولقراراتها السيادية المعتمدة خلال اجتماعاتها.
وفي هذا الصدد، عبّرت مالاوي، في موقف رسمي يختلف مع الخط الدبلوماسي الذي تروّج له جنوب إفريقيا، في 11 أبريل، عبر مذكرة شفوية، عن معارضتها الشديدة لتوقيع بروتوكول تفاهم بين الأمانة التنفيذية لـSADC و”البوليساريو”، الكيان الانفصالي المعلن من طرف واحد والذي لا تعترف به أغلبية الدول الإفريقية، حسب ما أفادت به مصادر مطلعة لموقع “برلمان.كوم”.
ولم يخضع مضمون هذه الوثيقة غير الشرعية، التي وُقّعت في 2 أبريل في غابورون، لأي تشاور مسبق أو موافقة رسمية من الدول الأعضاء الستة عشر في المجموعة، حيث قُدمت الوثيقة كأنها التزام جماعي، في حين أنها تخالف بنود المعاهدة التأسيسية والميثاق والقرارات المعتمدة من قبل القمم الرسمية للمجموعة.
ووفقا لذات المصدر، فقد أثارت هذه المناورة الماكرة، التي جرت دون تفويض، موجة استنكار في عدة عواصم بالمنطقة، وأدانت العديد من السفارات هذه الخطوة الأحادية التي تتعارض مع المبادئ الحكومية المشتركة التي تحكم المؤسسات الإقليمية.
وفي سياق متصل، أعربت عدة دول أعضاء في الـSADC -جزر القمر، إسواتيني، جمهورية الكونغو الديمقراطية، زامبيا ومالاوي — فورا عن رفضها للخطوة، وجميعها افتتحت قنصليات في العيون، الداخلة، ما يرمز إلى اعترافها بسيادة المغرب على الصحراء.
ومن منظور هذه الدول، لا يمكن لأي اتفاق يُوقع باسم الـSADC أن يكون ملزما لمنظمة يرفض عدد كبير من أعضائها شرعية “البوليساريو”. وبالإضافة إلى الدول الخمس المذكورة، فإن مدغشقر والسيشل تشاركان هذا الموقف أيضا.
ومن جهتها، أوضحت وزارة الشؤون الخارجية المالاوية، في المذكرة الشفوية الموجهة إلى أمانة المجموعة، أن “جمهورية مالاوي لا تعترف بما يسمى بروتوكول التفاهم بين الـSADC والبوليساريو كاتفاق ملزم”، مشددة على أنها “غير ملزمة على الإطلاق بالامتثال له”. وأضافت الوثيقة أن مالاوي “تجدد تأكيد دعمها الثابت لخطة الحكم الذاتي المغربية كحل واقعي للنزاع الإقليمي حول الصحراء”، وهي مبادرة وصفتها غالبية الشركاء الدوليين بأنها “ذات مصداقية وواقعية”.
كما توجه مذكرة ليلونغوي انتقادا مباشرا إلى بريتوريا، إذ تدين فيها الحكومة المالاوية جهود زعزعة الاستقرار التي تقوم بها الجماعات الانفصالية المدعومة من الجزائر والتي تروج لها جنوب إفريقيا. ومن خلال هذا الموقف، تنخرط مالاوي في توجه متصاعد داخل الـSADC يعكس رغبة في عدم السماح بفرض قرارات أحادية من خارج الإطار التوافقي الإقليمي.
وجاء هذا الموقف المعبر عنه محسوبا لكنه حازم، وينهي فترة طويلة من التضامن الضمني الذي كان سائدا في دول الجنوب الإفريقي تجاه كيان يفتقر إلى الاعتراف القاري.
واختارت مالاوي التحرر من التأثيرات الإيديولوجية لكل من الجزائر وبريتوريا، وهذه القطيعة، التي يعتبرها البعض “تحررا من وصاية جيوسياسية”، تعكس إعادة تموضع دبلوماسي واضح. وبرفضها المصادقة على ما تعتبره مناورات تخريبية، تؤكد ليلونغوي تمسكها بنهج قائم على الشرعية، والمشروعية، ومصلحة الشعوب الإفريقية.
ويأتي هذا التطور في سياق تصاعد دعم وحدة المغرب الترابية، وبخلاف الألاعيب التي تُحاك في الكواليس، اختارت هذه الدول نهجا يقوم على الشفافية، والوفاء، واحترام القانون الدولي. ومع تراجع البريق الدبلوماسي لكيان “البوليساريو”، يبرز صوت إفريقي جديد: “قارة تصالحت مع ذاتها، ترفض تلاعبات أقلية ناشطة، وتسعى إلى طي صفحة الانقسامات المصطنعة”.
وبعد أن منيت الجزائر مؤخرا بانتكاسات دبلوماسية قاسية في أوروبا والولايات المتحدة، وطُردت من معقلها التاريخي في منطقة الساحل، تحاول اليوم لعب دور المخرّب بزرع الانقسام في منطقة الـSADC، مما يؤكد عن جدارة استحقاقها لوصف “الدولة المارقة”.