الأخبارثقافةرمضانيات برلمانمستجدات

شخصيات صنعت التاريخ: روجوزوف.. قصة الطبيب الروسي الذي أجرى عملية جراحية لنفسه ببطن مفتوح

الخط :
إستمع للمقال

عديدة هي الشخصيات التي بصمت على مسار متميز في حياتها المهنية والخاصة، ونجحت في تقديم أعمال رائدة أو تحقيق إنجازات مهمة، نقلتها إلى عالم الشهرة وأدخلتها في قلوب الناس جيلا بعد جيل.

عبر هذه السلسلة الرمضانية، “شخصيات صنعت التاريخ” يغوص “برلمان.كوم” بقرائه في عوالم شخصيات دونت اسمها في قائمة أفضل شخصيات العالم، وسنتوقف في حلقة اليوم عند شخصية  “ليونيد روجوزوف” الطبيب الذي قرر مواجهة مصيره في البقاء على قيد الحياة في القارة القطبية الجنوبية بعملية جراحية نادرة كتبت له البقاء على قيد الحياة.

قصة الطبيب ليونيد ليست قصة عادية من الممكن أن نسمع بطبيب شجاع أجرى عملية جراحية في ظروف صعبة، وقد نسمع بآخر اكتشف مصلًا لأحد الأمراض المزمنة، لكن المثير للدهشة ، هو أن تسمع بطبيب أجرى عملية جراحية لنفسه  لاستئصال عضو من أعضائه وبقي على قيد الحياة عام 1961.

رأى ” يونيد روجوزوف” النور في 14 مارس 1934، في مدينة تشيتا أوبلاست الروسية، تميز ببراعته الفائقة في ميدان الطب، وفي عمر27 سنة، تم إرساله في بعثة إلى القارة القطبية الجنوبية عام 1961، في إطار البعثة الروسية السادسة إلى القطب.

كان”ليونيد” طبيباً ذو بداية واعدة في عمله، لكنه ذهب مع البعثة قبل تقديم أُطروحته في طرق علاج السرطان، وكان الطبيب الوحيد فيها، وبعد وصوله القاعدة بستة أسابيع بدأ يشعر بألم في البطن مع ارتفاع في درجة الحرارة، وبصفته طبيباً كان التشخيص سهلاً عليه، فعرف أنه يعاني من التهاب حاد في “الزائدة الدودية”.

وبسبب حدة آلام كانت وضعيته تحتاج إلى تدخل جراحي مستعجل لاستئصال الزائدة، خاصة وأن أقرب مركز طبي منه كان يتواجد على بعد 800 كلم، حيث كتب في مذكراته أن آلامه تزايدت ولم يعد يرى خياراً أمامه سوى إجراء عملية جراحية لنفسه، بدلاً من الجلوس مكتوف الأيدي.

تناول “ليونيد” بعض المضادات الحيوية، وقام بمحاولات لتخفيض درجة حرارة جسمه، وبدأت التحضيرات لإجراء العملية، حيث قام أصدقاؤه بإخراج أثاث غرفة، وتركوا سريرا واحدا، وقاموا بإضاءة ما حوله بالأشعة فوق البنفسجية وهو ما مكن من تعقيم الغرفة، والسرير، ووفر الإضاءة الجيدة، ثم شرع في تخدير بطنه تخذيرا موضعيا وبدأ العملية وكلما كان يصل إلى حالة يفقد معها الوعي، يقوم مرافقوه، في البعثة بحقنه بعقار معين ينشطه قليلًا، كما أبقى نفسه بحالة من الوعي تكفي للإنتباه لما يقوم به.

واجه “روجوزوف” وفريقه بعض الصعوبات أثناء إجراء العملية، فقد ساعده مرافقوه في حمل المرآة التي استعان بها في رؤية ما يقوم به، بينما تكلف البعض الآخر بإمداده بالمعدات الجراحية، لكنهم واصلوا حتى النهاية، وكان الطبيب يتصبب عرقًا، ورغم الصعوبات، أنهى عمله، ثم تناول حبوبًا منومة.

خلال اليوم الموالي لإجراء العملية، إرتفعت حرارته إلى 38 درجة مئوية، لكنه شعر بتحسن بعد أن استمر في تناول المضادات، حيث عادت حرارته إلى وضعها الطبيعي، بعد 4 أيام ،ثم بعد ذلك قام بإزالة الخيوط الجراحية، وبعد أسبوعين عاد للعمل، واستمر فيه لمدة سنة في القطب الجنوبي، ليعود في النهاية إلى مدينة لينينجراد، ويواصل حياته الطبية.

تعد هذه العملية الفريدة من نوعها في التاريخ الطبي، أول عملية ناجحة في التاريخ المعاصر والتي جرت في ظروف صعبة، في غياب عناية المستشفيات وتعقيمها، ودون أي مساعدة خارجية، لم يقم أحد قبل “ليونيد” بفتح بطنه للقيام بعملية تحت التخدير الموضعي، لكن الموقف الذي وُضع فيه هذا الطبيب، حتم عليه فعل المستحيل إنقاذاً لحياته.

توفي “ليونيد روجوزوف” بتاريخ 21 شتنبر عام 2000، ودوّن في مذكراته حجم المعاناة التي عاشها أثناء إجرائه العملية، ومما جاء في مذكراته، كانت الرؤية صعبة، وعملت من دون قفازات، ساعدتني المرآة، لكنها أعاقتني أيضًا، فهي تريك الأشياء بالمقلوب، لذا عملت بشكل رئيسي عن طريق اللمس.

وأضاف “كان النزيف شديدًا، لكنني أخذت وقتي وحاولت أن أتأكد من عملي، لكن عندما قمت بشق غشاء البيرتوان، آذيت الأعور، وكان عليّ خياطته، وفجأة انتبهت إلى العديد من الإصابات الأخرى التي لم ألاحظها، وبدأت أضعف كثيرًا.”

وزاد قائلا: “راودني شعور بالدوار، فكنت آخذ استراحة من 20 إلى 25 ثانية كل 4 أو 5 دقائق من العمل… وأخيراً شاهدت تلك الزائدة اللعينة، وأصابني الرعب عندما لاحظت البقعة السوداء آخرها، وهذا يعني أنه لو بقيت يومًا واحدًا لانفجرت”.

وإلى حدود الساعة لازالت الأدوات التي استخدمها الطبيب “ليونيد” في العملية الجراحية التي أجراها على نفسه معروضة في متحف سانت بطرسبرغ بروسيا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

عاجل
زر الذهاب إلى الأعلى