يعتبر المغرب من أهم الدول التي أصبحت تصنف ضمن أهم البلدان المستقبلة للاجئين، وعلى وجه الخصوص السوريون منهم، غير أن ارتفاع عدد الوافدين اللاجئين بالمغرب، يحدث مجموعة من الإشكاليات، والاضطرابات الاجتماعية، من قبيل ظاهرة التسول والدعارة، التي تشمل في معظم الأحيان الأطفال.
الرباط على ناصية المدن المستقبلة للاجئات
الرباط واحدة من أهم المدن، التي تعج بالمشاهد اليومية التي تثبت أن انتشار اللاجئات السوريات على الأرصفة والطرقات، باتت ظاهرة لا تناقش، غير أن الأدهى والأمر في الموضوع، هو وجود خلايا منظمة تنشط بشكل ممنهج في الدعارة والتسول.
الطفل طعم للتسول واستدرار العطف
حي الرياض بالرباط، يعد من أهم الأحياء التي تشكل حاضنة أساسية، ووجهة مفضلة لمجموعة من اللاجئات السوريات اللائي يتعاطين للتسول، معتمدات على أطفال معظمهم مجهولي الأب، وثمرة لعلاقات جنسية خارج الزواج، يكون فيها الطفل هو الطعم الذي تلجأ إليه المرأة لاستدرار عطف المارة.
عائدة…التسول والدعارة خياري الوحيد
“عائدة” الأم العازبة، وهي أم لطفلين، تقول في حديث مع “برلمان.كوم”، الحرب السورية كانت السبب في تعدد الويلات، التي كان لزاما علينا التعايش تحت وطأتها، وكان التسول والدعارة هو الملاذ الذي لم أجد بدا من العيش تحت لظاه”.
النظرة النفعية والاستغلال قرين المرأة العربية
“معظم المجتمعات العربية، تصنف المرأة كجسد، والنظرة النفعية والاستغلال، تكون هي القرين الذي يصاحبها أينما حلت وارتحلت، هذا واقع معاش.
بدأت أول عمل لي بالمغرب كخادمة بيوت، غير أن الاغتصاب والحمل كانا هما النتيجة التي ألقت بي في عالم التشرد تحت رحمة الجنس والتسول” تقول عائدة.
التسول عملية تخضع لمنطق ممنهج
المثير في الموضوع، هو أن “عائدة” تكشف عن معطى مهم، يتمثل في وجود مجموعة من الخلايا المنظمة التي تقوم بتنظيم عمليات التسول، وهو الأمر الذي يقضي بوجود مسؤولة تحرص على توزيع اللاجئات على نقاط محددة، بالإضافة إلى كون اللاجئات يقمن بتسليم المكلفة مجموع النقود التي تم تحصيلها في اليوم، ليكون جزء بسيط منها فقط هو نصيبهن نهاية الشهر.
التسول مجرد ذريعة لامتهان الدعارة
إلى جانب التسول ينضاف إشكال آخر، هو الذي تحفظت “عائدة” عن الكشف عنه، وكانت “ثرية” الأم العازبة التي تحدثت بدورها “لبرلمان.كوم” صريحة في الكشف عنه، وهو أن العمل في التسول غالبا ما يكون مجرد ذريعة لاستقطاب مجموعة من زبناء الجنس، الذين يجدون ضالتهم في القاصرات، اللواتي ينتهي بهن المطاف أمهات عازبات، يمتهن بشكل يكاد أن يكون يوميا التسول والدعارة.
الطفولة بضاعة مزجاة للتسول
بعد الدخول في حديث مطول مع بعض اللاجئات السوريات اللاتي ينشطن في الدعارة والتسول، تم الكشف عن وجود بعض الأسر المغربية التي تقدم على كراء أبنائها بشكل دوري لهؤلاء النسوة، بهدف التسول لساعات طويلة تحت الشمس، وهو الأمر الذي تعتبره هذه الأسر مصدر رزق ودخل لا يمكن أن يستقر وضعها المادي إلا من خلال الاعتماد عليه.
لاجئات سوريات تشتغلن تحت إمرة شبكات منظمة
ظاهرة التسول التي تعمر أزقة وشوارع حي”الرياض” بالرباط، تشمل البكر والقاصر والأم العازبة، إلى جانب مجموعة من النساء الحوامل اللواتي ينشطن في هذه الخلايا، تحت إمرة شبكة تجتهد في استقطاب القاصرات بالدرجة الأولى، في أفق تحقيق احتياجات الزبناء، الذين يشملون في معظهم أجانب وأصحاب سلطة على حد تعبير إحدى اللاجئات.
طلبا لقوتهن اليومي.. مغربيات يتقمصن أدوار لاجئات
هناك مغربيات أيضا يجدن بحبكة منتهية النظير، التحدث باللهجة السورية، يصطففن إلى جانب اللاجئات السوريات ويمتهن الدعارة بشكل مقنن تحت ذريعة التسول، أسبابهن متعددة لكن وضعيتهن واحدة يوحدها التشرد والاغتصاب، والتعرض في حالات كثيرة للتعنيف من قبل القائمين على تسيير الشبكة في حالة اعتراض إحداهن على الخضوع للأوامر.
“اعتماد” قاصر تخبر خبايا عالم الدعارة
“اعتماد”، قاصر تبلغ من العمر 16 سنة، أتقنت جيدا رغم صغر سنها لغة الإقناع، التي تثبت من خلالها للمارة أنها قاصر لكنها تخبر خبايا عالم يحمل لها الكثير من الأدوار.
تلعب فيها دور المتسولة، وتارة دور البائعة المتجولة التي تعيش على عدة من المناديل والورود، غير أن الدور الذي تجد نفسها نهاية كل مساء مجبرة على إتقانه، هو بائعة الهوى التي يقتادها كهول إلى وجهة غير معروفة رفقة المكلفة بتسيير الشبكة، للتفاوض على الثمن البخس الذي لا تظفر فيه إلا ببعض الدراهم المعدودة.
“المخدرات تخفف عبء الثقل الذي يرخي سدوله علينا”
الوجه الآخر لامتهان التسول، هو التعاطي للمخدرات بمختلف أشكالها والتي تقول “صفية” إحدى اللاجئات السوريات، إنها تعتبر أفيون اليوم والليل “الذي نلجأ إليه لعله يخفف من عبء الثقل الذي يرخي سدوله علينا، فالدعارة والتسول والإدمان هي مجرد مؤشرات تدل على وجود مجموعة من الاضطرابات الاجتماعية التي يذهب ضحيتها المستضعفون في الأرض: المرأة والطفل”.
التسول والدعارة … بقايا صناعة “داعش” بالمغرب
في السياق ذاته، يشار إلى أن من ضمن هؤلاء النسوة من كانت لهن علاقة مباشرة بتنظيمات الدولة الإسلامية، أو ما يعرف “بداعش” سابقا في سوريا، وللإشارة فالأمر يطال نساء مغربيات يتحدثن بمرارة تنم عن الندم الدفين الذي أعقب عودتهم من تنظيمات “داعش”.
بلغة الأرقام…العائدون المغاربة من بؤر التوتر
الأرقام الرسمية الوحيدة المتاحة في المغرب، حول “العائدون المغاربة من بؤر التوتر”، هي التي بحوزة “المكتب المركزي للتحقيقات القضائية”، الجهاز التنفيذي للمخابرات الداخلية بالمغرب.
وتفيد هذه الأرقام المعلن عنها في أبريل 2017، أن حوالي 1623 مغربيا منخرطين مع الجماعات المتطرفة في عدة بؤر للتوتر عبر العالم، خاصة سوريا، العراق وليبيا.
وتشير الأرقام إلى أن عدد المغاربة العائدين من بؤر التوتر لحدود أبريل2017، بلغ 78 مغربيا، تم إخضاعهم للتحقيق قبل عرضهم على القضاء، الذي لاحقهم بجرم “الالتحاق بالجماعات الإرهابية والمتطرفة”.
وهذه الأرقام أقل بكثير من الأرقام في تونس، التي تشير إلى عودة حوالي 800 تونسي من بؤر التوتر، 190 منهم في السجون، فيما 377 تحت الإقامة الجبرية، والبقية في حالة سراح تحت حراسة أمنية مشددة.