الأخبارركن الميداويمستجدات

رمضان بفرنسا شهر زاهر لوجبة البيض، لحم الفقراء

الخط :
إستمع للمقال

يسمونه باللسان الدارجي فكاك لوحايل، ويسمونه في مصر وبلاد الشام بسلطان الوجبات، أما الفرنسيون فقد أطلقوا عليه منذ الأزمة المالية، لحم الفقراء كونه الغذاء الذي يحتوي على أعلى كمية من البروتينات بكلفة أقل 15 مرة من كلفة اللحوم.. إنه البيض الذي إذا تناولت منه اثنتين في الصباح وكـأنك أكلت 140 غرام من اللحوم أو الأسماك، وهو ما جعله اليوم، في ظل القدرة الشرائية المتدنية، الوجبة الأساسية في الموائد الإفطارية الرمضانية وحتى العشائية، لفقراء دنيا الاغتراب (الجالبة الإسلامية بشكل عام) الذين تكاثر عددهم بشكل مقلق منذ الإرهاصات الأولى للأزمة المالية، ليتجاوز المليون يعيشون بأقل من ألف أورو في الشهر. وقد وجدوا فيه ضالتهم الغذائية ليس لما يوفره من بروتينات وما يحتوي عليه من كالسيوم ودهنيات وهرمونات وأملاح معدنية وفوائد صحية أخرى، ولكنه البديل الذي لا غنى في الرحمة بجيوب المستهلكين من أبناء الهجرة العربية والإسلامية وحتى الغالبية الساحقة من الفرنسيين الذين يرون فيه الغذاء البديل بعد الارتفاع المهول في جميع المواد الاستهلاكية.

ولم تشهد صناعة البيض من الانتعاش والرواج مثلما شهدته إبان الأزمة المالية الحالية، حيث باضت فرنسا سنة 2022 وحدها، ما يزيد عن 15 مليار بيضة محققة ارتفاعا إنتاجيا بنسبة 15% وأرباحا تفوق المليار أورو (أزيد من 10 مليارات درهم)، علما أن ثمن البيضة الواحدة انتقل في غضون سنتين من 12 سنتيما إلى 15.

أما اللجنة الوطنية لإنعاش صناعة البيض التي يسعدها كثيرا أن تستمر الأزمة المالية لجني المزيد من الأرباح، فقد باضت هي الأخرى بلاغا على شكل نداء بعنوان “شهر رمضان زاهر لمنتوج لا يبالي بالأزمة”، عددت فيه فضائل هذا الغذاء الصحي وطمأنت فيه فقراء فرنسا على أن “لحمهم” لا يقل فائدة عن اللحوم والأسماك الأخرى.. وذيُلت لندائها بهذه التوضيح:”لحم الفقراء يمنحك 200 غرام من اللحوم في الوجبة الواحدة.

وقد وجد بعض رجال الصناعة الغذائية في هذا “اللحم” بديلا تجاريا بسيط الكلفة، عالي الدخل، فشرعوا في غزو الأسواق والمطاعم المختصة في الوجبات الجاهزة والمراكز التجارية وكذا المطاعم المدرسية بجبال من مسحوقات البيض وبالمئات من الشاحنات الضخمة المحملة بأصفر البيض المستعمل لصناعة البيزا والعجائن والحلويات المختلفة فضلا عن أطنان من عجّات البيض الجاهزة (أومليت)، وقضبان “بيضية” سهلة التقطيع والاستعمال توجه للمؤسسات المختصة في مستحضرات التجميل والدهون وغسل الشعر وفي بعض المنتجات مثل المواد اللاصقة.. وكانت النتيجة أن بلع الفرنسيون 390 بيضة للفرد الواحد سنة 2022، أي بزيادة 60 بيضة للشخص مقارنة بالسنة التي قبلها.. مع ملاحظة دقيقة وهي أنه إذا كانت نسبة 80% من البيض تعرض بالأسواق الفرنسية بحوالي 15 سنتيما للبيضة الواحدة، فلأنها من إنتاج دجاج صناعي لا تنقصه الكميات اللازمة من البروتينات، ولكن يفتقر إلى النكهة والمذاق المتوفران في الدجاج البلدي الذي يعرض بأزيد من أربعة أضعاف ثمن البيض الصناعي.. (لمْليح بالثمن لمن يعشق لحم الفقراء).

وللبيض طقوس استثنائية بفرنسا وفي العالم المسيحي بشكل عام، حيث من عادة الفرنسيين أن يأخذوا البيض المسلوق في سلال مزينة إلى الكنيسة يوم عيد الفصح كي تتم مباركته من قبل الكاهن قبل أن يتم أكله. ويرمز البيض عندهم وعند المسيحيين بصفة عامة، إلى انبعاث الحياة، فيما يربط الهنود وسكان شرق آسيا فكرة البيضة بولادة الكون، لأنهم يعتقدون أن الليل هو أول الكائنات وأنه قد تمخض مرة فولد بيضة، ومن هذه البيضة انبثقت سائر الكائنات حسب اعتقادهم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

عاجل
زر الذهاب إلى الأعلى