اعترف رئيس البنك المركزي البيروفي، خوليو فيلاردي، بأن التضخم الأخير هو ظاهرة عالمية ناجمة عن الزيادات الكبيرة في أسعار الطاقة والمواد الغذائية وعن مشاكل في سلسلة التوريد العالمية.
وفي هذا السياق، أوصى المسؤول البيروفي بضرورة اعتماد دول الجنوب خطة عمل للمضي قدمًا في تحقيق اندماجها المالي.
وعلى هامش مشاركته في الاجتماعات السنوية للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي التي افتتحت أشغالها يوم الاثنين بمراكش، أكد المسؤول البيروفي هذه البلدان مدعوة للمطالبة بإصلاح نظام حصص صندوق النقد الدولي والبنك الدولي من أجل تحقيق تمثيل أكثر عدالة على مستوى هاتين المؤسستين.
وشدد على أنه يجب المضي نحو تعاون مالي أكبر للحد من تأثير التشرذم الاقتصادي على دخل الفئات الأكثر هشاشة، والعمل على زيادة التمويل متعدد الأطراف للتنمية المستدامة لاقتصادات الجنوب (البنية التحتية، والمواصلات، والبيئة).
وتشمل هذه الإجراءات أيضًا تعزيز التعاون المالي الدولي على المستوى الإقليمي، واستكمال المبادرات متعددة الأطراف والجهود الوطنية لتراكم احتياطيات النقد الأجنبي.
ومن جهة أخرى اعتبر المسؤول البيروفي أن الاندماج المالي والإدماج الرقمي، يكتسي”أهمية خاصة”، وذلك لسبب وجيه: ففي عام 2022، تم تسجيل ما يقرب من 3 مليارات شخص غير متصلين بالإنترنت، و1.4 مليار شخص لا يتوفرون على حسابات بنكية و850 مليون شخص ليس لديهم بطائق هوية رسمية.
وفي ما يتعلق بالتمويل المؤسساتي للتنمية، يرى فيلاردي أنه سيتم بحث القضايا الرئيسية للاقتصادات الصاعدة، خاصة في ما يتعلق بالمشروعات الجاذبة للمستثمرين في الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية.
وردا على سؤال حول الدور الذي يمكن أن تلعبه بلدان الجنوب في تصحيح التشرذم الاقتصادي والسياسي للعالم الذي يلقي بظلاله على الاقتصادي العالمي، أوضح فيلاردي أن الاندماج التجاري فقد زخمه في السنوات الأخيرة، في مواجهة أحداث مثل خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، والحرب في أوكرانيا، والتوترات بين الصين والولايات المتحدة، بالإضافة إلى آثار الجراح التي خلفتها جائحة كوفيد وتأثيرها السلبي على سلاسل القيم العالمية.
من الواضح بالنسبة لفيلاردي أن مركز الثقل الاقتصادي قد تحول نحو الاقتصادات الصاعدة، وأن لهذه الدول دوراً أساسياً تلعبه في مواجهة هذا التشرذم الاقتصادي والسياسي، من خلال تشجيع التعاون متعدد الأطراف وتعزيز النظام الاقتصادي العالمي.
ويرى فيلاردي أنه لا بد من تنفيذ الإجراءات اللازمة لتعزيز هذا النظام الاقتصادي، وضمان أخذ صوت البلدان الصاعدة والنامية في الاعتبار في المناقشات والقرارات على المستوى العالمي.
ومن الضروري أيضا تعزيز سياسات ماكرو اقتصادية سليمة وتعزيز التجارة بين بلدان الجنوب وبين الجنوب والشمال من خلال تعزيز تنفيذ الاتفاقات التجارية القائمة.
ويوصي أيضا بتعزيز التعاون بين بلدان الجنوب من خلال الاندماج الإقليمي، والحيلولة دون حدوث الاضطرابات التجارية (وخاصة في ما يخص تجارة المواد الغذائية والسلع الأساسية الأخرى) من أجل تجنب التأثير الكبير على الفقر في الاقتصادات الصاعدة.
وفي معرض إشارته إلى عالم ما بعد كوفيد ودور المؤسسات المالية، أوضح فيلاردي أن مؤسسته، على غرار البنوك المركزية الرئيسية في العالم، عملت على الحفاظ على الاستقرار النقدي من خلال اتباع “أهداف تضخم صريحة في نطاق يتراوح من 1 إلى 3 بالمائة”.