في ظل أزمة الماء المتصاعدة التي يعيشها المغرب في السنوات الأخيرة والتي باتت تفرض بإلحاح إيجاد حلول واستراتيجيات لمحاولة مواجهتها؛ اطلع الملك محمد السادس، الثلاثاء المنصرم، على مخطط العمل الاستعجالي، الذي تم إعداده من طرف القطاعات المختصة لمواجهة الوضعية الحالية، وضمان توفير المياه الصالحة للشرب، لا سيما في المدن والمراكز والقرى التي تعرف عجزا أو من المحتمل أن تعرفه.
محاور جديدة
وتعليقا على هذه الخطة الاستعجالية؛ أبرز الدكتور علي دادون، أستاذ التعليم العالي بجامعة ابن زهر-أكادير المختص في الموارد الطبيعية والتنمية الترابية، في تصريح لـ”برلمان.كوم”، أن “الملك محمد السادس أكد على أنه يجب تقييد المياه الموجهة نحو الفلاحة، من خلال اتخاذ إجراءات لتقييد استعمال مياه الري وتقليص صبيب التوزيع كلما اقتضت الوضعية ذلك، وهذا يُقال لأول مرة بشكل رسمي”.
وأوضح دادون أنه بذلك “لن تُعطى الأولوية للفلاحة بل ستكون للبشر الذين سيكونون هم الأَولى”، مشيرا إلى أن “الثورات القادمة سواء ستكون حول الماء”. مضيفا: “المخطط الاستراتيجي الاستعجالي الذي عرض على أنظار الملك محمد الساس، ركّز على أمر مهم وهو الخطط ذات الأمد القصير والتي ستنعكس ويظهر تأثيرها على المواطن”.
وتابع الخبير: “الأمر الثاني الذي ورد في المخطط هو توعية وتحسيس المواطنين بضرورة التدبير في استعمال المياه وبأن الماء أصبح عملة نادرة، كما دعت هذه الخطة الاستعجالية إلى التنزيل الفوري والاستمرار في بناء سدود المياه لأنه تبين بأن جزءا كبيرا من المياه يذهب للبحر”.
فيما كان الشق الرابع في هذه الخطة الاستعجالية، حسب ذات الخبير، هو “اللجوء الفوري للموارد المائية غير الاعتيادية، يعني اللجوء إلى المياه المستعملة المعالجة (المعاد تدويرها) وتوجيهها على الأقل للسقي، فلا يمكن أن نقوم بتحلية مياه البحر ثم نوجهها للسقي”.
مرحلة الخصاص المفرط
وفي هذا السياق؛ أبرز المختص في الموارد الطبيعية والتنمية الترابية، في تصريح لـ”برلمان.كوم”، أن “الوضعية المائية التي يعيشها المغرب الآن هي نتيجة تراكمات عاشها مناخ المغرب طيلة السنوات الماضية”. مشددا على “أننا وصلنا إلى مرحلة الخصاص المفرط من حيث الموارد المائية”.
وتابع ذات الخبير قائلا: “يمكنني أن أقول بأننا وصلنا إلى حالة العجز المائي، والدليل على ذلك أن الإمكانيات المائية- سواء السطحية أو الباطنية- لم تعد قادرة على تلبية الطلب، سواء للفلاحة أو للاستعمالات الفردية أو القطاعات الأخرى”.
وأشار الأكاديمي إلى أن “السياق المائي الحالي يتميز بنسبة عجز في التساقطات تصل إلى حوالي 70 في المائة وهي نسبة كبيرة جدا وأصبحت محسوسة من جميع فئات المجتمع”. وأضاف: “لو قارننا هذه الفترة الحالية بنفس الفترة من العام الماضي فسنجد أن نسبة ملء السدود باتت لا تتجاوز 23 في المائة مقابل 31 في المائة في السنة الماضية”.
كما لفت أيضا إلى أن “السدود لها دور كبير في المغرب، فمنها ما هو موجه للسقي الفلاحي.. ويشار هنا إلى أنه منذ أسبوع أو أسبوعين فقد تم قطع تزويد الضيعات الفلاحية انطلاقا من سد أولوز”.
استراتيجيات قصيرة المدى
وكتدابير لمواجهة أزمة الماء هذه؛ أوضح علي دادون أن “المغرب وبفضل ما لديه من أطر وتقنيات؛ وضع عددا من الاستراتيجيات الاستباقية التي جاءت في وقتها، منها مثلا مشاريع تحلية مياه البحر وأيضا النقل بين الأحواض المائية أو ما يسمى بالطرق السيارة للماء، والتي كانت بين سبو وأبي رقراق”.
وأكد دانون على أن “هذه الاستراتيجيات الاستباقية أعطت أكلها الآن، لكن ما يمكن قوله هو أننا اليوم وصلنا إلى عتبة الخصاص الواضح والمهول الذي سيؤثر على مجموعة من القطاعات”.