تعيش جبهة البوليساريو الانفصالية، أوضاعا متشنجة، بعد اكتشاف أتباعها تعرض أموالها للاختلاسات من طرف قياداتها، مما تسبب في وضع مسؤول عسكري، رهن الاحتجاز.
وتسبب احتجاز ما يسمى بقائد الناحية العسكرية الأولى، من طرف مجموعة من العناصر المسلحة التابعة لميليشيات البوليساريو، ومحاصرتها لمقر قيادة الناحية وكذا مصادرة مفاتيح سيارات ما يسمى الأطر والمسؤولين العسكريين، في حالة تمرد كبيرة داخل المخيمات المتواجدة بجنوب غرب الجزائر.
وفي هذا الإطار، قال محمد سالم عبد الفتاح، رئيس المرصد الصحراوي للإعلام وحقوق الإنسان، في تصريح لموقع “برلمان.كوم”، إن هذه التطورات الأمنية التي تشهدها ميليشيات البوليساريو، تؤكد حالة التفكك الذي تعيش على وقعه الجبهة الانفصالية.
وأوضح المحلل السياسي، أن هذه التطورات والصراعات، تؤكد على انتشار ظاهرة الفساد والانتفاع التي تعكف عليها قيادات العناصر الانفصالية في علاقة مع الأنشطة غير القانونية من قبيل تهريب المحروقات والاتجار في المساعدات الإنسانية، والارتباط الوثيق بظواهر الإرهاب والجريمة المنظمة التي تشهدها جنوب غرب الجزائر ومنطقة الساحل.
واعتبر محمد سالم عبد الفتاح، في تصريحه، اجتجاز عنصر قيادي انفصالي، على أنه يؤكد الضعف الذي باتت تعرفه الجبهة الانفصالية، بسبب تراجع فكرتها السياسية، وضعف عقيدتها القتالية، نتيجة التطورات التي تشهدها قضية الصحراء، التي كرست حالة الفشل والانتكاسات والهزائم المتتالية التي يتكبدها المشروع الانفصالي، بالموازاة مع تراجع الدعم الدولي الذي كان يوفر التمويل والدعم للجبهة الانفصالية.
وتابع الخبير، أن التمرد الذي تشهده الميلشيات العسكرية التابعة للجبهة الانفصالية، يأتي بسبب فشل التصعيد الأمني والعسكري الذي أعلنت عليه الجبهة الانفصالية منذ سنة 2020، حين أعلنت عن تنصلها من اتفاق وقف إطلاق النار، لكن هذا التنصل كرس حالة التراجع والفراغ داخل معسكرات الجبهة الانفصالية.
وأشار المصدر ذاته، إلى أن هذا التنصل سينعكس في شكل احتقان وسخط عارمين داخل معسكرات البوليساريو، وترجم في شكل تمردات ذات طابع عسكري تشهدها معسكرات الجبهة الانفصالية في تندوف.
وتابع، أن هذا الأمر يرتبط أيضا بصراعات بين العناصر القيادية التي توظف العصبيات القبلية، وتحاول أن تجند مجموعات العناصر المسلحة لأجل ضرب بعضها البعض، في سياق التنافس على الصناديق السوداء المتعلقة بتمويل أنشطة البوليساريو العسكرية والدعائية، بما فيها تلك الأنشطة المتعلقة بتهريب المحروقات والمساعدات الإنسانية.
وكشف منشور منتدى فورستاين المعروف بمتابعته للأوضاع داخل المخيمات، أن ميليشيات البوليساريو طاردت سيارة حاولت الهروب في نفس الناحية، حيث استمرت المطاردة إلى وسط الرابوني، وانتهت بنزع السيارة من صاحبها وإعادتها إلى مقر الناحية، لتدخل بعدها العناصر المسلحة في اعتصام مفتوح داخل المنطقة العسكرية.
وحسب نفس المصدر، فيعود سبب هذا التمرد “غير المسبوق”، إلى توفر معطيات وأدلة دامغة لدى العناصر المسلحة العاملة بهذه الناحية، عن تورط قائد الناحية العسكرية الأولى في فضيحة اختلاس أموال وسرقة شاحنة مليئة بالمحروقات تجاوزت الـ25 طنا، مضيفا أن بعض المحسوبين على ميليشيات البوليساريو قاموا بترصد القائد وعصابته ووثقوا فضيحة السرقة، قبل أن تجتمع مجموعة كبيرة وتتفق على الانقلاب على قائد الناحية واعتقاله واحتجازه رفقة مسؤول الإمداد وشخص آخر، شاركا مع القائد في الجرائم المنسوبة إليهم.
هذا وتسبب اعتقال قائد الناحية ومن معه في حالة فوضى داخل قيادة جبهة البوليساريو، التي حاولت بشتى الطرق طمس الفضيحة وإنهاء احتجاج ميليشياتها بالناحية الأولى، حيث حاولت إخراج قائدها ومن معه سالمين وسط مطالب واضحة من طرف المعتصمين بضرورة تسليمه للمحاكمة وضمان محاكمته محاكمة نزيهة.