إقتصادالأخبارمستجدات

خبراء لـ”برلمان.كوم”: البطالة سجلت أرقاما غير مسبوقة منذ عقود والأرقام تكذب وعود الحكومة

الخط :
إستمع للمقال

بعدما قطعت الحملة الانتخابية لحزب التجمع الوطني للأحرار- التحضيرية لاقتراع 8 شتنبر 2021- عدة وعود للمغاربة كان أهمها محاربة البطالة ورفع مناصب الشغل؛ جاءت أرقام المندوبية السامية للتخطيط، اليوم الجمعة، لتضرب في كل هذه الوعود وتُبَيِّن أن حزب “الحمامة”، وبعد أزيد من سنتين من تربعه على كرسي الحكومة، لم يتمكن من الوفاء بهذه الوعود بل إن تحقيقها بات أبعد من ذي قبل.

وكشفت المندوبية السامية للتخطيط، في تقريرها الأخير الذي يغطي الربع الثالث من السنة الحالية، أن معدل البطالة في المغرب ارتفع إلى 13.5 بعدما كان 11.4 بالمئة خلال نفس الفترة من عام 2022، أي بارتفاع 2.1 في المائة.

وذكرت المندوبية بأن “الاقتصاد الوطني عرف ما بين الفصل الثالث (الربع) من سنة 2022 ونفس الفصل من سنة 2023 فقدان 297 ألف منصب شغل، وذلك نتيجة فقدان 29 ألف منصب بالوسط الحضري و269 ألفا بالوسط القروي”، في ظل أسوأ موجة جفاف يشهدها المغرب منذ عقود.

أرقام غير مسبوقة منذ عقود

وتعليقا على ذلك؛ أكد الدكتور عبد النبي أبو العرب، الأستاذ الجامعي في الاقتصاد والأعمال، في حديث لـ”برلمان.كوم”، أن “هذه الأرقام التي أعلنت عنها المندوبية السامية للتخطيط هي أرقام صراحة مقلقة بخصوص ارتفاع نسبة البطالة إلى أرقام غير مسبوقة”. مضيفا أن “13.5 في المائة هو رقم لم يعرفه المغرب منذ سنوات إن لم نقل منذ عقود”.

وأبرز أبو العرب أن “الأرقام هي واضحة؛ فالمناطق المتضررة هي المناطق القروية”. وأشار إلى أنه “يجب أن نعرف أن القطاع الفلاحي يُشَغِّل بالمغرب حوالي 4 ملايين نسمة من الساكنة النشيطة، وهو قطاع مهم جدا في سوق الشغل”، موضحا أنه “هو الذي عرف انهيارا كبيرا فيما يخص نسبة التشغيل المتعلقة بالساكنة النشيطة فيه حيث فقد ما يفوق 250 ألف منصب شغل خلال هذا الربع الثالث”.

الجفاف عامل أساسي

وتفسيرا للارتفاع الكبير المسجل في نسب البطالة؛ أبرز الخبير الاقتصادي أنه “لا يخفى على أحد أن أهم سبب في هذا الارتفاع الكبير لنسبة البطالة يعود إلى حالة الجفاف الهيكلي والمزمن التي بات يعاني منها المغرب خلال السنوات الأخيرة، خاصة خلال سنتي 2022 و2023”.

وأردف الأكاديمي أن “شُح الأمطار والجفاف أثرا على مناطق كثيرة جدا بالمغرب، فباستثناء الضيعات الكبيرة التي تتوفر على آبار كبيرة؛ فإن غالبية القطع الفلاحية والزراعية في المغرب تضررت بهذا الجفاف نظرا لأن حجم القطع الزراعية التي تقل عن 5 هكتارات في المغرب يفوق 75 في المائة من حجم الضيعات الفلاحية في المغرب”. مشددا على أن “هذه الفلاحة المحلية- فلاحة القرب والفلاحة القروية الصغيرة- هي التي تضررت بشكل كبير جراء الجفاف وهي التي تشغل أكبر عدد من الساكنة النشيطة”.

وإثر ذلك؛ سطَّر أبو العرب على أن “هناك حاجة لبرامج استعجالية موجهة للعالم القروي ولسوق الشغل في العالم القروي”، مُذَكِّرا بأن “الحكومة كانت قد خرجت بأرقام طموحة فيما يخص سوق الشغل في حملتها الانتخابية لكن يبدو أن حالة الجفاف المزمن التي يعرفها المغرب وضعت هذه الطموحات في وضعية صعبة ومن المطلوب أن تتدارك الحكومة هذه الوضعية ببرامج استهداف للعالم القروي ولسوق الشغل بالعالم القروي”.

عوامل داخلية وخارجية

ومن جهة أخرى؛ أشار المحلل السياسي، محمد شقير، في تصريح لـ”برلمان.كوم”، إلى “أنه يصعب الاطمئنان إلى حقيقة أرقام ارتفاع أو انخفاض البطالة في اقتصاد جزء كبير من مكوناته غير مهيكل، ومرتبط بالإضافة إلى ذلك بالتغيرات المناخية والتبعية للطلب الخارجي سواء فيما يتعلق بتصدير منتجاته الفلاحية أو الصناعية أو الارتهان إلى عدم استقرار السوق السياحية”.

ورجَّح شقير أن هذه العوامل هي التي تفسر تضارب الأرقام بين المندوبية وتوقعات الحكومة”. مبرزا: “وبالتالي فإن الاعتماد على رقم المندوبية فيما يتعلق بارتفاع معدل البطالة يمكن أن يشير فقط إلى أن هناك عوامل تم الاستناد إليها بشأن هذا الرقم والمتمثلة في تداعيات الجفاف التي أثرت بلا شك في مستوى التشغيل في هذا القطاع في بلد تعتمد نسبة كبيرة من فلاحيه على الأمطار”.

كما يمكن، حسب المحلل السياسي، أن “تشكل تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية وعدم الاستقرار السياسي ببعض دول شمال إفريقيا- كليبيا وتونس- عاملا في مضاعفة هذا الرقم، زد على ذلك نسبة النمو الضعيفة التي لن تساعد على امتصاص نسبة البطالة مقارنة بارتفاع أعداد الشباب، خاصة من ذوي الشهادات، في سوق العمل الذين لا يجدون مناصب الشغل، خاصة وأن مناصب الشغل التي توفرها الدولة سنويا لا تتجاوز 25 منصب مالي”.

ارتفاع لا يتماشى مع وعود الحكومة

واستنادا إلى كل ما سبق؛ خَلُصَ المحلل السياسي، في تصريح دوما لـ”برلمان.كوم”، إلى أن “ارتفاع نسبة البطالة- كما أعلنت عنه المندوبية- لا يتماشى مع ما سبق أن وعدت به حكومة أخنوش”، مشددا على أنه “إذا كانت الانتعاشة السياحية التي شهدتها هذه السنة قد ساهمت في الرفع من نسبة التشغيل؛ فإن برنامج فرصة لم يُحقق ما كان منتظرا منه بسبب عراقيل تهم التمويل والبطء البيروقراطي، إضافة إلى عراقيل أخرى تهم خلق مقاولات جديدة تحتاج لسنوات في حالة نجاحها لامتصاص جزء من بطالة الشباب”.

وقال محمد شقير: “لعل هذا ما جعل الوعود التي قدمها التجمع الوطني للأحرار فيما يتعلق بتشغيل الشباب وامتصاص البطالة لم تتحقق في الواقع، بل يبدو أن نسبة البطالة سترتفع سواء بالنسبة لهذه السنوات أو في السنتين القادمتين”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

عاجل
زر الذهاب إلى الأعلى