حل ائتلاف “دول الساحل”.. العروسي لـ”برلمان.كوم”: هذا التكتل الذي كانت تدعمه فرنسا والجزائر وُلد ميتاً من الأساس
أعلنت تشاد وموريتانيا، الدولتان الأخيرتان في مجموعة دول الساحل الخمس، الأربعاء المنصرم، تمهيدهما الطريق لحل الائتلاف الإقليمي المعني بمحاربة الإرهاب بعد انسحاب الدول الثلاث الأخرى.
وتشهد منطقة الساحل الإفريقي تحولات عميقة تؤثر في ملامحها، حيث تتم إعادة تشكيل الخريطة السياسية في المنطقة، ودخول قوى وتحالفات جديدة علة الخط.
تكتل فاشل
وفي هذا السياق قال عصام العروسي، إن “هذا التكتل العسكري في الأساس كانت تدعمه فرنسا وأحيانا الجزائر، وبالتالي هذا التكتل فاشل، على اعتبار أن النخب العسكرية التي تحكم الآن في مالي وبوركينافاسو رافضة لكل تدخل فرنسي”.
وأضاف المحلل السياسي في تصريح له خص به موقع “برلمان.كوم” أن هذا التنسيق في الأساس ولد ميتا كون سياسة الدفاع المشتركة بين الدول لم تُطبق، فكيف يمكن أن نتصور أن هناك تكتلاً عسكرياً دون تطبيق بنود الاتفاقية، وبالتالي سقطت هذه الاتفاقية، كون كل هذه الدول في ظل وجود قيادات ونخب حاكمة جديدة أصبحت أكثر جرأة للخروج من التكتلات العشوائية التي لا تفيد القارة الإفريقية في شيء”.
وتابع ذات المتحدث أنه لم يكن في يوم من الأيام لهذا التكتل أي قوة مشتركة، أو تنسيق مشترك لمواجهة التحديات الإرهابية، حيث تناسلت الحركات والجماعات الإرهابية في المنطقة، ولم يستطع هذا التكتل مواجهتها لأنه أساسا لم يقم بما يلزم، ناهيك عن أن الاتحاد الإفريقي وهو المنظمة الإقليمية المحورية فشلت في هذا المسعى”.
وقال “هناك قيادات متنافرة ومتقاطعة المصالح لا تستطيع أن تحارب الإرهاب بالمنطقة، وفي اعتقادي هذا التكتل غير قادر على اتخاذ المبادرات العسكرية التي من شأنها محاربة الإرهاب، خاصة أنه هناك أجندات دولية لمواجهة الاضطراب في المنطقة، خاصة داعش والجهاد الإسلامي وكل الجماعات الإسلامية المتموقعة والمتمركزة في منطقة الساحل”.
تغيرات جيوسياسية
وحول نهاية هذه التكتلات وأسباب انهيارها، أكد عصام العروسي أن “هناك عاملا خارجيا قويا، وهو الذي يحاول أن يقلب المعادلة، فإذا قلنا إن فرنسا كانت مسيطرة على هذا التكتل سابقا وتجعل منه نقطة ارتكاز عسكرية لمبادراتها، فالآن نتحدث عن انقلاب هذه المعادلة، وانقلاب عن الموقف الفرنسي والبحث عن شركاء آخرين، أو ربما يتم الضغط على هذه الدول للانسحاب من هذا التكتل بإيعاز من قوى أخرى”.
وأعطى الخبير السياسي المثال بانسحاب النخبة العسكرية بمالي من هذا التكتل سابقا، وبالتالي “يُفهم من هذا أن هناك سواعد خارجية تحاول أن تكون نافذة في المنطقة، ومنها الجانب الروسي والجانب الصيني، كما أن تركيا تحاول أن تلعب دورا معينا، لكن يبقى الوجود الروسي والصيني قوي”.
وذكر العروسي أن “هناك عاملا رئيسيا مهما آخر متعلقا بانشغال الولايات المتحدة الأمريكية بالحرب الدائرة في قطاع غزة”، مشيرا إلى أن “المجال الإفريقي الآن يحاول أن يتنفس بعيدا عن هذه التقاطبات وتحاول هذه الكتلة أن تختار مواقف مستقلة عن أي إملاءات خارجية”.
تزحزح النفوذ الفرنسي
وفي هذا السياق، قال المحلل السياسي للموقع إنه “لا يمكن القول إن هناك انسحابا نهائيا وعدم وجود التأثير الجيوسياسي الفرنسي بالكامل، نحن الآن نتحدث عن تزحزح هذا النفوذ، وأن النفوذ الفرنسي أصبح يتململ في المنطقة، ولم يعد كما في السابق لأسباب كثيرة منها تقاطبات إقليمية متوازنة، وتهالك الاستراتيجية العسكرية الفرنسية، والفشل في التعاطي مع الأنظمة العسكرية في المنطقة، والتعاطي بشكل عملياتي مع الحروب الهجينة”.
وأكد المتحدث أن كل ما راكمته فرنسا من فشل انعكس عليها، وبالتالي هذا ساهم في انتقاص نفوذها وليس نهايته، وما يؤكد ذلك هو أن النفوذ الاقتصادي الفرنسي لا زال موجودا في العديد من الدول كمالي والتشاد وبوركينافاسو، وكذلك وجود قواعد عسكرية رغم دعوة دول إفريقيا لطرد فرنسا منها، لكن هذه القواعد موجودة”.
وخلص المحلل السياسي بالقول إلى أن هذه المرحلة مفصلية من أجل إنهاء النفوذ الفرنسي، في حين لا زال الحديث بعيدا عن نهايتها بشكل كلي بالمنطقة.