الأخبارسياسةمستجدات

حزب “المشوشون الجدد”..!

الخط :
إستمع للمقال

إنهم لا ينتمون الى فئات اليساريين الذين اهتزت قلوبنا معهم في السبعينيات، قبل أن نكتشف بعد التسعينيات أنهم مجرد متلهفين وراء المناصب، والمكاسب، والرزق السياسي الذي يجعل صاحبه ثريا “في خمسة أيام بدون معلم”…

كما أنهم لا ينتمون إلى طائفة الإسلاميين الذين غزوا المجتمع المدني قبل أن تفتح الدولة لهم نافذة للمرور الى منصة السياسة، فهاجوا وماجوا، وأرعدوا وأزبدوا، مستفيدين من رياح “الربيع العربي” التي هبت نسائمها على صناديق الاقتراع في المغرب، لكن رياح الحقيقة عرت وجوههم، وكشفت وصوليتهم للجميع، وهاهم اليوم يتعاركون فيما بينهم من أجل المواقع الحزبية..

كما أنهم لا ينتمون الى طائفة الإعلاميين الذين استفادوا من منابرهم الورقية والإلكترونية لخلق موجات تتدفق كالمد، وتتراجع كالجزر مع الجهات التي تضمن الدراهم عبر النقرات الإلكترونية أو الهبات الإشهارية..

ولا خير في ود امرئ متملق إذا الريح مالت مال حيث تميل

اننا نقصد بالمشوشين الجدد، قوما ظهروا في الآونة الاخيرة، بوجوه جديدة، وانسلخوا من وجوههم القديمة، وخلقوا آليات وهمية للإشاعة والمزاعم ولترويج الكذب عن بلدهم، وهم الذين استفادوا من أرقى المناصب، وحظوا بأرقى المواقع، بل ومنهم من أصبح ثريا بفضل السخاء و الحظوة.

هؤلاء الذين يظهرون ويختفون كثعلب الراحل محمد زفزاف، وينسلون ليلا الى أماكن مظلمة ليتداولوا تقارير وهمية حول حقوق الإنسان في وطنهم، إو اوضاع السجون، و يعينون و يبعدون من أرادوا في القنوات التلفزية، أو مستقبل الوطن ..

إن منهم أناسا استفادوا من مواقع رسمية مغرية، ومنهم آخرون استظلوا تحت مظلات واقية للعيش الكريم، ولكنهم يرفضون الابتعاد عن الحضن السخي، عن الكرسي الأثير ووجدوا ضالتهم في التهديد بأساليب مضحكة وتبعث على السخرية، وكأنهم يبحثون اليوم عن وسيلة تنفعهم في استرجاع عذريتهم الضائعة أو بناء امجاد جديدة على أنقاض الأطلال البالية.

انهم يزرعون الفتنة بكل أشكالها، والإشاعة بكل ألوانها، بأقلامهم السوداء وأفواههم النتنة وتقاريرهم البالية ليعكروا على البلاد صفو جوها، وينشروا سمومهم من مواقعهم الرسمية أو غير الرسمية التي يحتلونها، أو من حظوتهم المقربة التي ظلوا يستفيدون منها، أو عبر منابر اعلامية متعطشة للإثارة، ومتلهفة للسير في الاتجاه المعاكس.

ولطالما استفاد أصحابنا من قربة الريع التي كانت تغدق عليهم اموالا وامتيازات، أو من الصنابير السخية التي كان يكفي أن يفتحوا افواههم تحتها لتمنحهم الرزق الزلال، لكن ما ان تكسرت هذه القربة، وتوقف الصنبور حتى حملوا أحجارهم وعصيهم ضد مصالح البلاد، وأطلقوا الإشاعات في كل الأماكن عن استقرار الوطن ومستقبله.

انهم يسخرون عفاريتهم الليلية ليقتنصوا التقارير العالمية، وتلك القادمة من البلد الجار، كي يفزعوا بها المواطنين، وينشروا المشاعر السوداوية، دون استناد على الحقيقة، أو اعتماد على معطيات المؤسسات العالمية المحترمة.

لا نريد هنا أن نطيل في الحديث المبهم، فليس ذاك من طبع كتاباتنا الصريحة و لسنا في حاجة لنعرج على التقرير السيىء الذي صدر عن المجلس الموكول اليه قول الحقيقة حول العناية بحقوق الإنسان في المغرب، فجاء تقريره بعيدا كل البعد عن حقيقة الأمر إن لم نقل قريبا الى التحريف والمبالغة.

ولا نريد هنا أن نعيد ما سبق أن قلناه عن جمال الدين الناجي الجالس على كرسي مريح في مؤسسة الهاكا التي تحولت الى هبة للريع والمكاسب المعطاءة، وتحول حكماؤها الى نائمين على فراش مصنوع من اجرة سخية.

ولا نريد طبعا أن نعود الى علي بلحاج، كما لا نريد أن نعود الى الثراء الصاروخي لإلياس العماري ولحكيم بنشماس وزميلهما في الحزب عزيز بنعزوز، فلعل ذلك سيزج بنا في حياض زملاءهم الآخرين الذين انتفعوا من نفس المرجع الحزبي.

ولكننا نسير في اتجاه أشخاص نعموا بكراسي مريحة يصعب على أي كان أن يمر بقربها، واستفادوا من بطاقة الاستقرار، فلما حان تقاعدهم، وجفت مظلات الحظوة والقرب، اشهروا سيوفهم، وانضموا الى حزب المشوشين.

فمحمد زيان الذي استظل تحت حائط الشيوعية، ونهل كثيرا من افكار الراحل عزيز بلال، قبل ان يرحل الى جبة الراحل ادريس البصري، لينعم كثيرا بدفئها، لم يستشعر اليتم إلا في هذه الأيام، فتفنن في البكاء سيرا على خطى عبد الاله بنكيران، وقال كلاما يشبه السحر وما هو بسحر، واعتبره من الاسرار المكنونة التي يخرجها من قبعته، فجعل اموال الفوسفاط تتبخر، ولا تصل الى خزينة الدولة وكذلك اموال مؤسسة “مناجم”، ولو ألقى نظرة خاطفة على ميزانية الدولة لوجد الجواب أمام عينيه غير بعيد.

ونور الدين عيوش الذي ألف قرع الطبول المخيفة من وراء ستار حريري، وألف صناعة مغارب خرافية من مخيلته العاقر، فصنع مغربا لانتخابات 2007، وفر من الحضن السخي لجمعية زاكورة التي كان قد استلهم تسميتها عطفا عن والدته، وفطر في مغرب لا يتعلم اللغة العربية التي لا يميز فيها بين الالف وعصا الألف وعصا الطبال، وسارع الى الاختفاء وراء شباب حركة فبراير، وانتقد الحكم في بلده كما حلا له، ها هو يحمل اليوم حقيبته ليقوم بوساطة غير مرغوب فيها بين المغرب وابناءه في منطقة الريف.

ومحمد الطوزي المفتون بإغراءات الالوان القزحية في التفكير، فلا يسكته عنها الا كرسي للتدبير، وقد منحت له ادارة مدرسة الحكامة والاقتصاد بالرباط بكل اغراءاتها، وهي التي ارادها قنطرة نحو منصب اكثر إثراء وعطاء، استيقظ من نومه لينظر في البيعة التي تربط الملك بشعبه وعلاقتها باللاهوت.

و لا ننس أولئك الذين خلقوا لهم ناديا جديدا في أحد مقاهي العاصمة يحج اليه اصدقاؤهم وبعض “الصحفيين” حيث توزع التعيينات الجديدة بعناية في القطاع السمعي البصري لاينسون فيها المقربين منهم و لو تجاوزوا سن التقاعد، ويوهمون الناس بأن منهم من سيعتلي قيادة تلفزة الرباط ومنهم من سينال نصيبه في مكان اخر، علما أن نصيبه ينتظره في بيته كي يقرأ الجريدة في زاوية غير بعيدة عن المدفأة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

عاجل
زر الذهاب إلى الأعلى