الأخبارمجتمعمستجدات

جماهري يكتب: تصفيق في فيينا، وإشادة من واشنطن: الخارجية الأمريكية، الانتربول.. والأمن المغربي

الخط :
إستمع للمقال

خصص عبد الحميد جماهري، رئيس تحرير ومدير نشر يومية الاتحاد الاشتراكي، عموده “كسر الخاطر”، في عدد الجريدة الصادر يوم غد الإثنين 4 دجنبر 2023، للحديث عن الانتقال الكبير الذي عرفته الاستراتيجية الأمنية المغربية خلال العقدين الأخيرين، حيث أصبح الجهاز الأمني المغربي منظومة متطورة في خدمة السلام، والمكانة التي أصبح المغرب يتمتع بها فيما يخص الأمن.

واختار جماهري لعموده “كسر الخاطر”، المتعلق بهذا الموضوع، عنوان “تصفيق في فيينا، وإشادة من واشنطن: الخارجية الأمريكية، الانتربول…. والأمن المغربي !”، وجاء فيه ما يلي:

عندما تريد المنظمة الدولية للشرطة الجنائية أو وزارة الخارجية الأمريكية الحديث (أو البحث) عن عالم أكثر أمنا، لا يمكن لأي واحدة منهما إغفال اسم المغرب، بل نقول بغير مجازفة بالغلو بأنه من الأسماء الأولى التي توضع في الأجندة وعلى رأسها… هكذا صرنا نعيش تقدير العالم لأداء الجهاز الأمني المغربي، لاسيما في شقيه الجنائي والاستخباراتي.

لقد حدث انتقال كبير استراتيجي في العقدين الأخيرين، صار معه جهاز الأمن المغربي جزءا من منظومة متطورة في خدمة السلام. ومعناها أن المغرب نجح في تأهيل أمنه، بحيث أصبح يستجيب للمعايير الدولية والقواعد المتعارف عليها، ليس فقط في الحرفية وفي النجاعة وفي القدرة الاستباقية، وكل ما يكشف معيارية أمنية دولية، بل في الاستجابة إلى كل مقومات الجهاز القادر على تحصين المجتمع الداخلي مع المشاركة الفعلية في استقرار العالم.. ولعله الرد القوي المفحم على كل محاولات النيل من هذه الأجهزة (من طرف دول عميقة، مبنية على العقلية الاستخباراتية الموروثة عن العهد الاستعماري)!

في يوم الناس هذا، ومن عاصمتين مختلفتين هما: واشنطن وفيينا وفي تاريخ واحد، هو فاتح دجنبر الجاري، وردت الأخبار عن ما يفيد الارتياح العالمي لما يقدمه المغرب في خارطة الأمن الدولي…
فمن واشنطن، جاء التقرير السنوي للخارجية الأمريكية عن الإرهاب، كما صوتت فيينا على اختيار المغرب لاحتضان أشغال الدورة ال93 للجمعية العامة للمنظمة الدولية للشرطة الجنائية «أنتربول» المقرر تنظيمها بمراكش سنة 2025.
لقد تقاطعت الأخبار، على اختلاف مصادرها، حول اسم المغرب وحول أجهزته وأدائه الأمني. ونرى أن المغرب، هنا، هو نقطة التقاطع المركزية بينهما، حيث أن ما يجمع بين الأنتربول والخارجية الأمريكية، موقف موحد من تقدير الأداء الأمني للمغرب، والمراهنة عليه للرفع من درجة السلامة في وجه الإجرام، بكل أشكاله.
كما أن هناك تقاطعا من حيث تقييمهما لمجهود المغرب ومنجزه الأمني، حيث نجد في التقرير الأمريكي ما يحيل على الأنتربول وعملها، والعكس صحيح أيضا:
الخارجية الأمريكية عممت تقييمها بصيغة التنويه بـ:
ـ التزام المملكة بتعزيز التعاون المؤسساتي على المستويين الإقليمي والدولي
ـ استفادة السلطات الأمنية المغربية من جمع المعلومات الاستخبارية المتاحة
ـ استفادة السلطات من عمل الشرطة، ومن التعاون مع الشركاء الدوليين
ـ الإشادة بعمل المكتب المركزي للتحقيقات القضائية، التابع للمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني.
ـ التنصيص على كون أمن الحدود يظل أولوية مطلقة بالنسبة للسلطات المغربية
بطبيعة الحال، ما كان للتقرير. أن يغفل درجة وطبيعة التنسيق الإقليمي والدولي،العاليتين كما تجليتا في استضافة المغرب، في ماي 2022، للاجتماع الوزاري للتحالف الدولي ضد داعش…
لم يعد المغرب، كما يستفاد من تجربته على رأس التحالف ضد داعش المشار إليها أعلاه، أو في العمل من داخل الأنتربول، مجرد دولة تنتمي إلى بنية أمنية عالمية، بل أصبح قبلتها ومختبرها وموعدها. وهذا شيء لا يمكن أن نغفله في تدبير هذا الصعود الأمني، عالميا.
بل إن اللحظة التي وقفت فيها أجهزة 196 دولة عضو، مع ممثلي المنظمات الإقليمية أو الدولية ذات الصلة، للتصفيق مطولا عند الإعلان عن ترشيح المغرب، هو تصويت بالثقة: الثقة في بلاد المغرب، وفي مؤسساتها الأمنية…
نحن إزاء منظمة ولدت ولادتها الثانية، متزامنة، مع استقلال المغرب في نونبر 1956، وقد زادت الحاجة إليها كما تضاعف عدد أعضائها وتغيرت طبيعة الانتماء، من انتماء رؤساء الشرطة إلى انتماء البلدان المعنية بالأمن، ..كما ارتفع منسوب مهنيتها واحترافيتها مع ارتفاع ذكاء المجرمين وتوسع نشاطهم، وقدرتهم علي التحايل والعمل الماهر!. كل هذا يجعل من الأنتربول هيئة دولية لا محيد عندها في دعم مجهودات الأمن والسلام، لاسيما وقد تداخلت مجالات النشاط الإجرامي. من المخدرات إلى بيع الأسلحة إلى الإرهاب ..إلى الجريمة الإسبرنيتيقية..
هذه منظمة مهمتها تطبيق القانون في العالم برمته! وهي أداة تطوير آليات التعاون الأمني على المستوى الدولي. ولقد كشفت محاربة الإرهاب (..وتنفيذه قبل ذلك) عن درجة عالية من الدقة في العمل الإجرامي، والقدرة الهائلة للمجموعات الإرهابية على ذلك. ومعنى اختيار المغرب هو أنه في مستوى تقديم الأجوبة على كل التحولات الحاصلة، وأنه قادر على تهييء أجندة تفكير وطريقة عمل جديدة لفهم الظاهرة الإجرامية العالمية، ولتأمين الحدود وإجراءات الأمن في كل مجتمع…كل ما نسميه عولمة الإجرام والعنف. ولعل تاريخ 11 شتنبر 2001 كان تاريخا فارقا، علم العالم أشياء لم تكن في ذهن أحد. وهو الإرهاب الخارق، وهو في متابعة دور المغرب، نقطة التقاء أخرى بين تقرير الخارجية واختيار المغرب من طرف الأنتربول..
وتبدى ذلك بوضوح في كلمة عبد اللطيف الحموشي عندما شدد» على التزام المغرب بتعزيز الجهود الدولية لمكافحة الإرهاب، ومختلف صور الجريمة العابرة للحدود«.
وقد يثير الانتباه في تعالق التقرير الأمريكي مع اختيار المغرب من طرف الأنتربول، حديثهما عن قوة تأمين الحدود في عالم تبرز فيه ثغرات بحجم الدول!! أحيانا على مستوى الحدود. وإذا كانت أنتربول توفر، من خلال الأمانة العامة للبلدان الأعضاء، مجموعة من الخبرات والخدمات، وتتدبر 19 قاعدة بيانات شرطية تحتوي على معلومات عن الجرائم والمجرمين (كالأسماء وبصمات الأصابع وجوازات السفر المسروقة) والتي يمكن للبلدان الاستفادة منها، فإن واشنطن قدمت شهادة بأن سلطات الحدود المغربية «تتوفر على قدرات هائلة في كشف الوثائق المزورة».. وهو لوحده عنصر قوة لدى الأمن المغربي..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

عاجل
زر الذهاب إلى الأعلى