تواجه عدة دول في الاتحاد الأوروبي تحديا كبيرا بسبب ارتفاع حجم الديون، حيث أشارت تقارير إلى أن نسبة الديون بلغت 91.4 في المائة من الناتج الاقتصادي في عام 2022، ويعتبر ذلك انخفاضا بمقدار أربع نقاط مئوية. نسبة كبيرة، ولكن يُعزى هذا التراجع، وفق تحليل البنك المركزي الأوروبي، إلى تأثير مؤقت بسبب التعافي الاقتصادي الذي حدث عقب جائحة كورونا.
وحسب تقرير نشره موقع DW الألماني فإنه على الرغم من هذا التراجع، إلا أن مستوى الدين لا يزال أعلى بكثير من الحد الأقصى المسموح به، والذي يُحدد بنسبة 60 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي والذي يتم تنظيمه بموجب “ميثاق الاستقرار والنمو” للاتحاد الأوروبي.
ويتوقع البنك المركزي الأوروبي، في أحدث توقعاته، أن يصل مستوى الديون إلى 89 بالمئة هذا العام. ومن المرجح أن تنخفض النسبة قليلا إلى 88.6 بالمئة في العام المقبل.
ووفقا لذات المصدر، هذا الارتفاع المستدام لمستوى الديون يشكل تحديا كبيرا، خاصة مع ارتفاع أسعار الفائدة الرئيسية، وهذا يزيد تكاليف إعادة تمويل الديون ويمكن أن يؤدي إلى زيادة ملحوظة في تكاليف الديون الوطنية.
وتزداد مخاوف من أن تصبح ميزانيات الدول غير مستدامة، وتشهد تصاعدًا في تكاليف الخدمات المالية.
بالنسبة للبلدان المثقلة بالديون، تصاعدت مخاوف بأن ارتفاع تكاليف الدين قد يؤدي إلى تأثيرات سلبية على الاقتصادات ويزيد من عبء الديون على الميزانيات العامة. في ظل تحذيرات من احتمال خفض تصنيف الائتمان لبعض الدول تزيد من هذه المخاوف.
بشكل عام، الأسواق المالية قد تبدي قلقًا بشأن استمرار ارتفاع مستوى الدين دون اتخاذ إصلاحات هيكلية جذرية في هذه الدول.
ويحث الخبير الاقتصادي نيلز ثايغيسن الدول الآن على تبني خطة طويلة الأجل لخفض الديون، قبل أن تخرج المشكلة، مثل الأزمة اليونانية قبل تسع سنوات، عن السيطرة وتؤدي إلى إفلاس الدول.
ويقول ثايغيسن لـDW: “حقيقة أن لدينا الآن أسعار فائدة أعلى مما كان متوقعا يجب أن تذكرنا بأن المشكلة شديدة الخطورة، وأن الفروق بين الدول المدينة ستستمر في النمو إذا لم يتم اتخاذ إجراءات”.
وأوضح التقرير هناك مشكلة أخرى تتعلق بميزانية الاتحاد الأوروبي نفسه بدأت تظهر على المستوى الأوروبي. فلقد تحمل الاتحاد الأوروبي دينا مشتركا لأول مرة، وذلك من أجل برنامج الإنعاش الاقتصادي بعد أزمة كورونا.
وتابع المصدر أن تمويل هذا الدين، الذي يبلغ حوالي 400 مليار يورو، والذي جرى توزيعه كقروض ومنح للدول الأعضاء – وأولها إيطاليا – أصبح أكثر تكلفة بكثير مما تم حسابه في الأصل، بسبب ارتفاع أسعار الفائدة الرئيسية.
هذا وتتعرض ميزانية الاتحاد الأوروبي لضغوط كبيرة، ولكن الأعضاء يرفضون تغطية هذه التكاليف الإضافية، وبالتالي فإن معركة التوزيع التالية على مستوى الاتحاد الأوروبي باتت وشيكة.