الذين فكروا وخططوا لتصفية الحسن الثاني هم كثر ، ولم يتوقف الأمر عند السياسيين المغاربة بل أمتد إلى قيادات أجنبية لم تكن تنظر بعين الرضا لنمط حكم الملك الراحل الحسن الثاني.
أسبوعية “الأيام” في غلافها لهذا الأسبوع رصدت لحضات تاريخية وقصص أشخاص خارج المغرب حاولو قلب نظام الحسن الثاني.
القذافي… محاولات بالجملة
تشير الأسبوعية إلى ان كان الوزير الأول الليبي عبد المنعم الهوني وضع رهن اشارة مجموعة من المغاربة واللبيين طائرة حربية يقودها طيار من جنسية يوغسلافية، تكلف بوضع كميات من الأسلحة في منطقة خنيفرة لاستخدامها في الهجوم على مركز مولاي بوعزة بجبال خنيفرة.
الليبيون كانوا دائما حاضرين في عدد من محاولات تصفية الملك الراحل وقصة دعمهم للبوليساريو بالمال والسلاح قصة معروفة ورويت كثير من تفاصيلها كما أن دعمهم للثوار المغاربة وبعض قادة الجيش وصل إلى درجة مساعدة المذبوح وأوفقير وعبابو في المحاولة الانقلابية العسكرية الاولى، حيث حيث طلب القذافي من الهواري بومدين السماح له بمرور طائرات عسكرية ليبية عبر الاجواء الجزائرية للمساهمة في انقلاب الصخيرات.
◊ إقرأ أيضا: العمير: الحسن الثاني من أعظم الشخصيات التي مرت على حياتي
في سنة 1988 تم التخطيط لمحاولة اخرى، وكان سيشارك فيها مصريون من أصل أردني، تدارسا كل الامكانيات المتاحة دون الوقوع في اي خطأ، لكن هذه المحاولة توقفت في المهد بعد أن شك المصريون في تسرب خبر استعدادهم للدخول الى المغرب في تلك السنة إلى الأجهزة الامنية المغربية فتم تاجيل الخطة. مضت سنة 1988 وحلست سنة 1989 وتغير المصريون من أصل أردني بفلسطينيين وخاصة ممن عاشروا الثوار المغاربة في فلسطين وسوريا والعراق، وتم التخطيط مرة اخرى لتصفية الملك الراحل، بل وانتقل الفلسطينيون إلى مرحلة التنفيذ وادخلوا بعض الأسلحة والقنابل التي سيحتاجونها إلى المغرب، وقد أدخلت هذه الأسلحة والقنابل على شكل صحون فلسطينية، ثم جرى نقاش حول الطريقة التي تمكنهم من تنفيذ مخططهم قبل أن يتوقف كل شيء وذلك بعد تسرب الخبر إلى أحد المشتغلين بالسفارة الفلسطينية الذي يبدو أنه أخبر الرئيس الراحل ياسر عرفات الذي تكلف بالبقية والنتيجة كانت هي وقوع اعتقالات في صفوف الفلسطينيين وفي صفوف المغاربة الذين كانوا سيساعدونهم وان لم يتسرب عن هذه الاعتقالات في وقتها أي شيء. ولم تتوقف عمليات التخطيط لقلب نظام الحسن الثاني من طرف أجاني في نهاية الثمانينات من القرن الماضي، بل استمرت مع مطلع التسعينيات وبالضبط في سنة 1991 حينما تمت الاستعانة هذه المرة بليبيين لتصفية الملك الراحل بمحطة القطار الرباط اكدال وكانت تقتضي الخطة أن يتم اغتيال الملك حين شروعه في ركوب العربة الملكية بالمحطة لكنها محاولة باءت بالفشل. ليتم التفرغ لمحاولة اخرى كان التخطيط لها في نفس الوقت من طرف عناصر من الجيش الأحمر الياباني وأفراد من الجبهة الشعبية الفلسطينية سبق لهم أن نفذوا عمليات خطيرة في مطار تل أبيب.
والمثير أن مسرح هذه المحاولة كان هو ملعب الكولف بالرباط، وكانت تقتضي الخطة اطلاق النار على الحسن الثاني أثناء خروجه من ملعب الكولف اللعبة التي كان يعشقها، لكنها تاجلت بدورها بعدما تبين لعناصر الجيش الأحمر والجبهة الشعبية الذين دخلوا المغرب أن مساعديهم من المغاربة لا يتوفرون على الخبرة الكافية للقيام بهذه العملية الخطيرة. غير أن اخر محاولة فكر في حيثياتها أجانب كانت عبارة عن تسميم الملك الراحل، وكانت ستنفذ سنة 1995 أربع سنوات قبل وفاته الطبيعية في سنة 1999 لكنها لم تنفذ بدورها.
اعترافات جزائرية بتدريب مسلحين مغاربة لقلب الملكية
في هذه المقتطفات اعتراف صريح من القائد العسكري الجزائري البارز بأن النظام في بلاده كان محتضنا للمعارضة المسلحة المغربية بتدريبها وتسليحها وإرسالها إلى المغرب لشن الاضطرابات قبل ظهور البوليساريو بعقود.
وجاء في مذكرات الشاذلي بن جديد الذي سيصبح رئيسا للجمهورية في ما بعد أن الجيش الجزائري كان يخصص للمعارضة المسلحة المغربية مركزين للتدريب في سيدي بعباس والمحمدية وكلاهما في المنطقة العسكرية التي كانت تحت اشراف الجنرال بن جديد وهذا الاحتضان شيء واضح كل الوضوح. ويذكر بن جديد أنه أبلغ بومدين أن المخابرات المغربية قد اخترقت تلك المعارضة مما حد من فعاليتها وقال بالنص مايلي: “كان الجيش يشرف على تسليح هذه المعارضة وتدريبها أما الاشراف السياسي واللوجستيكي فكان من صلاحية جبهة التحرير الوطني” وجاء في مقطع اخر أن بومدين كان يراهن على تلك المعارضة في تعامله مع المغرب. وكشف اشاذلي بن جديد عن شيء مهم يخص التحضيرات التي كان يهيئها أوفقير لتدبير انقلاب في المغرب يكون جزءا من مخطط فرنسي لبسط اليد على المغرب والجزائر وتونس ويقول عن الجنرال المغربي إنه كان على اتصال مع الكاتب العام لوزارة الدفاع في الجزائر المدعو شابو، وكذلك مع جنرال تونسي لتدبير انقلاب في البلدان الثلاثة.
الحسن الثاني.. الخميني متآمر
” لن نسمح أبدا بأن يصبح هذا المغرب فريسة أقلية مارقة فاتنة مفتنة لا تحترم المقدسات، بل وكأنها اختارت الظرف لتقوم بما قامت به” يقول الحسن الثاني في الخطاب الذي ألقاه بمؤتمر نيروبي سنة 1981 ثم يصرح “ولا أريد أن أزيد في هذا الموضوع لأني أخاف أن يخرج من فمي كلام لا يليق، فالشعب المغربي لا يستحق أن يينسب إليه أمثال هذا النوع من البشر الذي لا يحترم الممتلكات والأشخاص”.
بعد ثلاث سنوات على خطاب 1981 سيثور الملك مرة اخرى وكانت المناسبة الأحداث الاجتماعية التي عرفتها مراكش والناظور وتطوان والحسيمة، ويقول الحسن الثاني في واحد من الخطابات التي أفقدته هدوءه بعد عقدين من حكمه: “هناك ثلاثة أسباب أولا الماركسيون اللينينيون الذين يريدون أن يفشل المؤتمر الاسلامي لأن أفغانستان غير موجودة، أما السبب الثاني فيتعلق بالشيوعيين وماأقول عندي حججه هنا… هناك بلاغ من طائفة إلى الأمام وهم الماركسيون اللينينيون الشيوعيون في باريس التي تطالب بالمراجعة الجذرية للعمليات الاقتصادية والسياسية التي قادت البلاد للكارثة وكذا بالايقاف الفوري للحرب في الصحراء القائمة منذ سبع سنوات بين القوات المغربية وقوات البوليساريو”. وشرح الملك في نفس الخطاب أن ما حدث من أحداث اجتماعية انطلقت من مراكش كان له أسباب داخلية وخارجية : “وهنا تظهر الأموال والاوراق المصقولة والصور الملونة ويبدأ صاحبنا الخميني يقول… وفي هذه الأيام المصيرية التي يمر بها العالم الإسلامي حيث يعيش مخاضا صعبا يجتمع أناس يدعون تمثيل الشعوب الاسلامية ويطلقون على جمعهم مؤتمر القمة الاسلامي والاجدر أن يسمى قمة التاَمر الجاهل” كانت العلاقة بين الحسن الثاني والخميني بالغة التوتر بعدما انقلب الأخير على شاه ايران صديق ملك المغرب، ولعل مايؤكد توتر هذه العلاقة الى حد العداوة ماقاله الحسن الثاني للفيغارو الفرنسية “اذا كان الخميني مسلما فأنا لا أدين باللاسلام”.
حافظ الأسد يدرب مغاربة للانقلاب على الملك
عندما تحسنت العلاقات بين بومدين والحسن الثاني، لم يعد بالامكان اَنذاك أن تأوي الاراضي الجزائرية المعارضة المغربية المسلحة التي كانت ترمي الى الانقلاب على الحسن الثاني. وهكذا انتقل معارضو الراحل لتعلم حمل السلاح واستعماله من مناطق التدريب بالجزائر إلى دمشق، بعدما تلقت المعارضة المغربية المسلحة وعودا من القيادة السورية بتعويض ماكانت تتلقاه من النظام الجزائري من الاسلحة والمال الى مخيم الزبداني غير بعيد عن العاصمة دمشق. وفي مخيم الزبداني كان المغاربة الراغبون في المشاركة بالاطاحة بالحسن الثاني يتدربون بنظام عسكري صارم وكانوا يحملون بطاقات عليها رتبهم وأسماؤهم. واحتضن الزبداني معارضي الحسن الثاني بعد أن أحكم حزب البعث قبضته على سوريا وهو الحزب الذي كان معروفا بمساندته للحركات الثورية في العالم العربي وبينها تنظيم الفقيه البصري. استطاع مغاربة الزبداني أن يدخلوا اسلحة متنوعة عام 1969 بهدف قلب النظام المغربي لكن ألقي القبض عليهم وتجاوز تعدادهم المائة عضو في التنظيم وتمت محاكمتهم في قاعة عرض فيها العتاد والذخيرة التي كانوا ينوون استخدامها.
الظواهري وأبو عبد الرحمن يهددان النظام
أخطر التهديدات بقلب نظام الحكم في المغرب جاءت أيضا من تنظيم القاعدة، وقد ورد اسم المغرب في تسجيلات صوتية لعدد من قيادييه مثل أيمن الظواهري وبعده قيادات التنظيم في فرعه بالمغرب الاسلامي، وعلى راسهم ابو عبد الرحمن المغربي. ومنذ ذلك التاريخ تم القاء القبض على المئات من المعتقلين مرورا بالاحداث الارهابية التي هزت البيضاء في 16 ماي 2013 وماتلاها من اعتقالات بلغت عدد البلاغات حولها لدى وزارة الداخلية تصدر بالعشرات. بعد 2013 واليوم رفعت المملكة من درحة الحذر خاصة بعد الاعن عن تنظيم الدولة الاسلامية بالعراق والشام وقد تطلبت من البلاد اخراج الجيش الى الشارع وبعض الصواريخ والمعدات الدفاعية في الدار البيضاء وعناصر الجيش والدرك في اطار حملة “حذر” خاصة بعد تصريح الوزير محمد حصاد اذي قال فيه أن أعداد كبيرة من المغاربة انضموا لتنظيم داعش.