اخبار المغربمجتمعمستجدات

بوغطاط المغربي | سليمان الريسوني والمناورة الأخيرة.. كيف يستغل ذريعة اللجوء للتهرب من دفع التعويض لضحيته؟ وهل أصبحت كندا مرتعا لحماية الهاربين من العدالة؟ 

الخط :
إستمع للمقال

في سياق يتزايد فيه التلاعب بالقوانين الدولية تحت غطاء حقوق الإنسان، أصبحت بعض الدول، وعلى رأسها كندا، وجهة مفضلة لمن يسعون إلى الإفلات من تنفيذ الأحكام القضائية، مستغلين قوانين اللجوء المتساهلة.
 
في قلب هذه الظاهرة، يبرز سليمان الريسوني، الذي لا يكتفي بالمماطلة في تنفيذ الحكم المدني القاضي بتعويض ضحيته آدم، بل يسعى أيضا إلى استخدام ورقة اللجوء كوسيلة للهروب نهائيا من مسؤولياته.
 
استفاد سليمان الريسوني مؤخرا من عفو ملكي، وهو قرار يدخل ضمن الصلاحيات السيادية لجلالة الملك التي لا تعني بأي حال من الأحوال تبرئته من الأفعال التي أُدين بها، ولا إعفاءه من تنفيذ التزاماته المدنية تجاه ضحيته. ومع ذلك، يحاول الريسوني استغلال هذا العفو كذريعة للمماطلة والتهرب من دفع التعويض المستحق لآدم، رغم أن هذا الحق ثابت بحكم قضائي لا رجعة فيه.
 
لكن الأخطر في الأمر هو أن هذه المماطلة لا تقتصر فقط على الجانب القانوني الداخلي، بل تترافق مع محاولات مدروسة للهرب إلى الخارج، حيث يُطرح اسمه في الكواليس كمرشح محتمل للحصول على اللجوء في كندا، البلد الذي تحوّل إلى ملاذ آمن للهاربين من تنفيذ الأحكام القضائية.
 
في السنوات الأخيرة، أصبحت كندا محطة رئيسية لكل من يسعى إلى إعادة تلميع صورته عبر اللجوء، مستغلا الثغرات القانونية التي تسمح باستقبال طلبات اللجوء دون تدقيق كافٍ في الخلفيات الجنائية أو الالتزامات القانونية للمتقدمين.
 
في حالة سليمان الريسوني، يطرح السؤال التالي: كيف يمكن لشخص مُدان قضائيا بجرائم جنسية، وصدر في حقه حكم يلزمه بتعويض الضحية، أن يسعى إلى اللجوء في بلد يُفترض أنه يحترم حقوق الإنسان، بما في ذلك حقوق الضحايا؟
 
الأمر لا يتعلق فقط بمحاولة الهروب من المحاسبة، بل بإعادة إنتاج مظلومية مزيفة، تُستخدم لاستدرار التعاطف الدولي، بينما الضحية الحقيقية، آدم، يُترك لمصيره دون إنصاف كامل.


ما يثير الاستغراب أكثر هو موقف بعض المنظمات الحقوقية التي ترفع شعارات الدفاع عن العدالة، لكنها تلتزم الصمت عندما يتعلق الأمر بتهرب الريسوني من دفع التعويض المستحق لآدم.
 
لماذا لا تُصدر هذه المنظمات أي بيانات تطالب فيها الريسوني بالالتزام بحكم المحكمة؟ لماذا يُسمح لشخص مُدان، لم يكمل التزاماته المدنية، بالترويج لنفسه كـ “لاجئ سياسي”؟ لماذا تُستخدم قوانين اللجوء لحماية الجناة بينما يُترك الضحايا يواجهون مصيرهم وحدهم؟


إن هذا الصمت المطبق يكشف عن نفاق واضح في التعاطي مع القضايا الحقوقية، حيث يتم الدفاع عن الجناة تحت شعارات الحرية، بينما يتم تجاهل حقوق الضحايا، فقط لأنهم لا يخدمون الأجندة السياسية لهذه الجهات.
 
العدالة الحقيقية لا تتعلق فقط بصدور الأحكام، بل بتنفيذها أيضا. وإذا كان سليمان الريسوني يسعى إلى الالتفاف على قرار المحكمة عبر اللجوء إلى كندا أو أي بلد آخر، فإن هذا يُشكل اعتداءً صارخا على حقوق الضحية، ويبعث برسالة خطيرة مفادها أن الجناة يمكنهم الإفلات من التزاماتهم بمجرد خروجهم من البلاد.
 
إن القانون الدولي يُلزم الدول بعدم منح اللجوء لأشخاص لديهم التزامات قانونية غير منفذة، فكيف يُمكن تبرير قبول طلب شخص تهرّب من تنفيذ حكم مدني؟ وهل يمكن اعتبار شخص يرفض دفع تعويض لضحاياه، رغم حكم المحكمة، لاجئا فعليا أم مجرد هارب من العدالة؟


آدم، الذي حصل على حكم قضائي يعترف بحقه في التعويض، يجد نفسه اليوم أمام معركة جديدة، ليس فقط مع الجاني، بل مع نظام دولي بات يُستخدم لحماية المجرمين بدلا من إنصاف الضحايا.
 
إن منح اللجوء لأشخاص مثل الريسوني يُعتبر طعنة في قلب العدالة، لأنه يشجع على الإفلات من تنفيذ الأحكام، ويُكرّس واقعا مريرا حيث يصبح الجناة “لاجئين سياسيين”، بينما يُترك الضحايا يواجهون المعاناة وحدهم.
 
إذا كانت الدول التي تدّعي احترام حقوق الإنسان جادة في التزامها بمبادئ العدالة، فعليها أن ترفض استقبال أشخاص تهربوا من تنفيذ أحكام قضائية، وألا تسمح بتحويل قوانين اللجوء إلى وسيلة لحماية الجناة على حساب الضحايا.
 
العدالة لا تعني فقط إصدار الأحكام، بل تعني تنفيذها أيضا، وأي محاولة للهروب من الالتزامات المدنية هي مجرد جريمة جديدة بحق الضحايا، لا يجب أن تمر دون مساءلة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

عاجل
زر الذهاب إلى الأعلى