تواصل السلطات المغربية بمختلف تلاوينها، تعبئتها الكاملة، لتقديم المساعدة وإنقاذ ضحايا الزلزال المدمر الذي ضرب منطقة الحوز، وامتد تأثيره لمناطق أخرى، ليلة الجمعة الماضي.
وفي هذا الإطار، قال محمد بنطلحة الدكالي، أستاذ العلوم السياسية بكلية الحقوق بمراكش، في تحليل توصل موقع “برلمان.كوم“، بنسخة منه، إن المغرب تعرض عبر تاريخه الطويل لمجموعة من الأحداث المؤلمة والأزمات، والملاحظ أنه يخرج منها دائما منتصرا، إنه مثل طائر فينيق الأسطوري الذي ينبعث من رماده ليعود ويحلق من جديد.
وأوضح بنطلحة، أن زلزال منطقة الحوز الذي عرفته بلادنا مؤخرا، يعتبر هو الأعنف منذ قرن من الزمان، حيث أفاد المعهد الوطني للجيوفيزياء أن شدة الزلزال بلغت 7,2 درجات، في حين قالت هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية إن شدته بلغت 6,8 درجات.
وقال بنطلحة، إن المحطات الكارثية والمؤلمة من التاريخ المغربي، هي لحظات مفصلية في تاريخنا المغربي، حيث أن كارثة الحوز أظهرت أن الأزمات تعتبر لحظة تجلي ومكاشفة لعمق الانتماء الوطني ودليلا صادقا على المعدن الأصيل للإنسان المغربي، وعلى مدى الالتحام بين العرش والشعب، في مواجهة التحديات مما خفف عنا جرحنا الإنساني العميق، وزاد في قوة وصلابة وعينا الجمعي.
وأكد بنطلحة، أن الدولة المغربية بكل مؤسساتها أبانت عن روح وطنية عالية ومسؤولية في التدبير والتخطيط، مما يؤكد الحاجة الملحة لإعادة الاعتبار لمفهوم الدولة المنقذة التي بإمكانها مواجهة الاختلالات العميقة بإمكانياتها وقدراتها والتحامها الوطني من أجل الحفاظ على الاستقرار السياسي والاجتماعي والاقتصادي، وأن يبقى البلد سيدا في اتخاذ قراراته، حيث باتت” المساعدات” الأجنبية في بعض الأحيان تخضع للمساومة والابتزاز السياسي.
وأردف بنطلحة، أن المغرب واجه فاجعة زلزال الحوز، معتمدا على قدراته اللوجستية والأمنية وتضحيات أبناء شعبه، بفضل الرؤية السديدة والمتبصرة لملك البلاد الذي وجه تعليماته السامية بنشر القوات المسلحة الملكية بشكل مستعجل، وإمداد المنطقة المنكوبة بفرق البحث والإنقاذ، من أجل تسريع عملية الإغاثة وإجلاء الجرحى وتوزيع حصص الأغذية والخيام على المنكوبين، والتكفل بالأشخاص في وضعية صعبة، وتقديم الدعم لإعادة بناء المنازل المدمرة في أقرب الآجال، وتشجيع الفاعلين الاقتصاديين بهدف الاستئناف الفوري للأنشطة على مستوى المناطق المعنية، والتعبئة الشاملة لمؤسسة محمد الخامس للتضامن، بجميع مكوناتها من أجل تقديم الدعم ومواكبة المواطنين في المناطق المتضررة، وتشكيل مخزون للحاجيات الأولية على مستوى كل جهة من المملكة.
وأشار بنطلحة، إلى أننا أمام إدارة وطنية للأزمة وفق تخطيط استراتيجي ينطلق من تحديد الأهداف الرئيسية والتحليل المستمر للأزمة وتطوراتها، ووضع البدائل والاحتمالات المختلفة وتحديد مسارها المستقبلي من خلال التنبؤ والاختيار الاستراتيجي للإمكانيات المتاحة والموجودة، وفق التكيف مع التغيرات المفاجئة، وهي ليست عمليات ردود أفعال وليست انكماشية جامدة، بل إنها عبارة عن عمليات تسارعية مرنة تعتمد على الضبط والسرعة في الإنجاز وتضع المصلحة العليا للوطن فوق كل اعتبار، في إطار قرار وطني مسؤول يمتلك رؤية نسقية لمواجهة هذه الكارثة عنوانه التحدي المغربي.