الأخبارركن الميداويمستجدات

باريس.. لوحات من رحم المعاناة تحكي مشاهد الموت في فلسطين

الخط :
إستمع للمقال

على بعد آلاف الكيلومترات من أجواء الحرب والقتل والدمار، ومن كثافة دخان القصف الأسود المنبعث من الأرض الفلسطينية، أفردت قاعة العروض “ماجيك بورطريه” بباريس ضيافة متميز للرسام الفلسطيني شرف سرحان، الذي اجتهد في توظيف مفرداته التشكيلية الناطقة بمعاني التحدي والصمود، لينقل بأسلوب تعبيري واقعي، مأساة غزة الناجمة عن العدوان الإسرائيلي والتخاذل الدولي

ولم تخرج تعابير الرسام الغزاوي النشأة، عن أجواء الحرب والدمار وعمليات التشريد التي يمارسها الاحتلال الإسرائيلي ضد شيوخ ونساء وأطفال غزة. وشغلت مشاهد الدبابات والطائرات والصواريخ وأشلاء القتلى والجرحى حيزا كبيرا من مكونات أعماله المتضمنة لإيحاءات مبهرة تستغيث العالم وتستصرخه من أجل التدخل لإنقاذ فلسطين وساكنة فلسطين وشعب فلسطين.

ويستخدم شرف سرحان في أعماله تقنيات درامية مختلفة،للتعبير عن الواقع الذي يعتمل في نفسه والذي يشكل من خلال محاكاته الأرض، علاقة ثورية بين صراع الوجود والهوية والتاريخ.

وبالرغم من شلالات الدم في مستشفيات غزة وبالرغم من الوجوه النازفة في أعماله المعروضة بذوق وحس رفيعين، وبالرغم أيضا من مسحات الأسى والدموع في وجوه أطفال فلسطين، يبقى الأمل بالنصر والتحرر والانعتاق، غالبا في لوحات الرسام سرحان الذي وضع معرضه تحت شعار “نموت واقفين ولن نستسلم”.  

ويرصد المعرض المسار المتفرد لهذا الرسام الذي يتميز عن غيره من الرسامين الفلسطينيين بعفوية تعبيراته التي قدمت نفسها بيسر ومرونة أكسبته الصدق في الأداء، والنُّبل قي العطاء. وقد كان شديد التأثر بالحصار الذي فرض على غزة عام 2007، وألقى هذا التأثُّر بظلاله على تجربته التي غدت أكثر نضجا من حيث المضمون ومن حيث الأدوات والتقنيات التعبيرية المستخدمة. وقد قرر بعد عُمر طويل من التنقل بين غزة والقاهرة ودمشق وعمّان والرياض أن يوطن مرسمه في بيروت جاعلا من مأساة فلسطين المُكون الأساسي في أعماله الفنية. 

ويضم المعرض حوالي خمسين لوحة مستقاة من صميم الكفاحالفلسطيني المرير برموزه وألوانه، وبمآسيه وتمزُقه. وقد استعمل فيها الرسام تقنيات عديدة تغلب عليها تقنية /البورطريه/ أوما يسمى بالحداثية الناطقة بواقعية مفرطة مقتبسة من النهضة التشكيلية الإسبانية والإيطالية، وهي واقعية ترفض بشكـل جازمتمثُّل الأشخاص أو تخيُّلهم.

ويُمكن القول بعد الغوص في مختلف اللوحات المعروضة، إن التحرر من طغيان المرجعيات التشكيلية القديمة، وممارسة عنصر الاستحداث في النسق الإبداعي بشكل عام، هي السمة الغالبة في أعمال الرسام شرف سرحان المتأرجحة بين فضاءينإبداعيين متباينين.. واحد حسّي يوظف العين كمُكوّن أساسي في التقاط التفاصيل بما يساعد على إنتاج شبكة من الوجوهوالأمكنة، وواقعي يرصد الأشياء والحركات ليعيد تقديمها وتركيبها في نشأتها الأصلية.

وترصد اللوحات اللونية المعروضة، الحياة الفلسطينية بمآسيها المختلفة من دمار وتجويع وحصار، كما تتناول الواقع الفلسطيني عبر مسالكه السياسية والاجتماعية المختلفة. وهي في مجملهاتختزل قدرة الرسام على التقاط التفاصيل وتوظيفها بشكل أكسبه شهرة واسعة على الصعيدين العربي والدولي. 

وتعود أولى نجاحات شرف سرحان إلى سنة 2015 حيث حصل على جائزة أفضل لوحة تعبيرية في 

معرض برلين حين كان آنذاك متأثرا بالمدرسة السريالية. وخلال العشرين سنة الماضية، أقام الرسام أكثر من 30 معرضا عربيا ودوليا حظي باهتمام إعلامي كبير. وكان آخر معارضه الدلية برواق لندن في دجنبر من سنة 2021.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

عاجل
زر الذهاب إلى الأعلى