لازال احتمال اعتراف السويد ب”الجمهورية الصحراوية” المزعومة يثير ردود فعل سواء في المغرب أو الخارج .
وفي هذا الصدد ، قال رئيس معهد ” سابورو” للتضامن الدولي (اليابان ) ، ماتسوموتو شوجي ، وهو أيضا أستاذ للقانون الدولي والمقارن في جامعة سابورو غاكوين ، إنه ” فوجئ وشعر بخيبة أمل وهو يرى بلدا غربيا يتعامل ، بشكل غير مناسب ، مع عملية بناء السلام ” .
ويرى هذا الباحث ، في مقال تحليلي توصل به ” برلمان كوم ” أن مبادرة السويد المتعلقة بالاعتراف بالجمهورية الصحراوية ، التي أعلنت نفسها دولة مستقلة ، مسألة مرفوضة من وجهة نظر القانون الدولي ، على اعتبار أنها تمثل عملا غير قانوني ولا مبرر له . وكذلك الأمر من جهة النظر السياسية ، لأن هذه المبادرة السويدية تتنافى مع الدور البناء الذي يقوم به مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة الذي يشجع على الحوار بين الطرفين ، كما تتنافى مع النداء الذي وجهه الأمين العام لإيجاد مناخ إيجابي بين البلدان الأعضاء في الأمم المتحدة بهدف تعزيز الثقة بين الطرفين ، المغرب وجبهة البوليساريو .
وأوضح أن هذا الاعتراف يمكن أن يمس سيادة الدولة التي تم انطلاقا منها الإعلان ، بشكل انفرادي ، عن هذا الاستقلال .
ويعطي الباحث الياباني ، في هذا الصدد ، ثلاثة تفسيرات : الأول مفاده أن هذا الاعتراف المحتمل بالجمهورية الصحراوية المزعومة يتعارض مع واقع الاعتراف بالمغرب ، لأن الأراضي التي أعلن عن استقلالها من طرف الجمهورية الصحراوية المزعومة كانت قد أعيدت للمغرب بموجب اتفاقيات مدريد لسنة 1975 التي عبرت إسبانيا من خلالها عن نيتها في تصفية الاستعمار من الصحراء الغربية ونقل السيادة الكاملة للإدارة المؤقتة ، أي للمغرب ولموريتانيا التي انسحبت بمقتضى اتفاق 1979.
التفسير الثاني ، هو أن الاعتراف ، في مفهوم القانون الدولي المعمول به ، يشكل تدخلا في الشؤون الداخلية للبلد الذي تم انطلاقا منه الإعلان عن الاستقلال.
ثالثا ، إن هذا الاعتراف يشكل مسا بالوحدة الترابية للدولة التي أعلن الاستقلال على حسابها ، علما بأن مبدأ الوحدة الترابية هو من المبادئ الأساسية في الشرعية الدولية المنصوص عليها في الفصل 2 (4) من ميثاق الأمم المتحدة ، والفصلين 2 و 3 من ميثاق منظمة الوحدة الإفريقية ، والفصل 3 من ميثاق الاتحاد الإفريقي ، والقرار رقم 2625 الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة التي تعكس القانون الدولي المعمول به .
ومن جهة أخرى ، تساءل الخبير الياباني عما إذا كان الاتحاد الإفريقي ، الذي أسسته الدول الإفريقية ، يمكنه أن يؤسس دولة إفريقية جديدة ؟. وأكد أن الدول فقط يمكنها أن تقوم بذلك .
وبناء عليه ، فبدون اعتراف من طرف المغرب ، لا يمكن الاعتراف بشكل قانوني بما يسمى بالجمهورية الصحراوية كدولة من طرف الدول الأخرى . ففقط حين يعترف المغرب بهذه الجمهورية يمكن لهذه الأخيرة أن تصبح عضوا في الاتحاد الإفريقي بشكل قانوني . وهذا ما لم يقم به المغرب .
وفضلا عن ذلك ، ونظرا لكون الجمهورية الصحراوية المزعومة تقع في الأراضي الجزائرية ، فإن الجزائر يمكنها أن تسير وتتحكم بشكل فعلي في هذه الجمهورية من خلال ممارسة سيادتها الترابية . ومع أن الجزائر تعترف بما يسمى بالجمهورية الصحراوية كدولة وتدعمها ، فلم يتم نقل أي سيادة ترابية جزائرية إلى الجزائر . وهكذا ستعتبر الجمهورية الصحراوية ، بمفهوم القانون الدولي بخصوص مسؤولية الدولة ، جزءا لا يتجزأ من الجزائر .
وخلاصة القول هي أن كل عمل يهدف إلى الاعتراف بكيان انفصالي كدولة ليس لاغيا فحسب ، وإنما لا مبرر له كذلك .
وعليه ، فإن قبول الجمهورية الصحراوية كدولة عضو في الاتحاد الإفريقي يعتبر أيضا عملا معاديا للمغرب ولا مبرر له .
وإضافة إلى هذا ، ومن وجهة نظر سياسية ، فإن الأوساط السويدية التي تقف وراء هذا العمل التعسفي ، إنما تقوم بعمل مضر ليس فقط بالروابط الثنائية بين المملكتين المغربية والسويدية ، ولكن أيضا بالتزام السويد بمساندة الأمم المتحدة في جهودها الرامية إلى تشجيع المفاوضات بين الجانبين ، وهو ما يتنافى مع الدور البناء لمجلس الأمن الأممي والنداء الذي وجهه الأمين العام من أجل توفير مناخ إيجابي بين البلدان الأعضاء .
ومن وجهة نظر أخلاقية ، فإن هذا التصرف السويدي يلحق الضرر بالمسلسل السياسي لقضية الصحراء ويمس بجوهر القيم الديمقراطية .
وهكذا فإن كل اعتراف بما يسمى بالجمهورية الصحراوية سيشكل مبادرة خاطئة لإلغاء حق سكان الصحراء في تقرير مصيرهم ، وبالتالي سيجعل الحكومة السويدية مسئولة عن مصادرة حقهم هذا .
وينبغي أن يكون الرأي العام السويدي كذلك واعيا بأنه سيكون من الخطأ الاعتقاد بأن البوليساريو هو الممثل الشرعي لسكان الصحراء ،لأننا الآن أمام خمسة أطراف : أولا جبهة البوليساريو ، ثانيا المنظمات غير الحكومية العاملة في الإقليم ، ثالثا المجلس الصحراوي ، رابعا “خط الشهيد” ، التيار المنشق عن البوليساريو ، خامسا وأخيرا الدولة المغربية التي تطالب بالسيادة على هذه الأراضي .