خلف زلزال الحوز، الذي شهده المغرب في الـ8 من الشهر الجاري، ضررا كبيرا بعدد من المآثر والمعالم التاريخية بالمنطقة والتي ظلت صامدة لقرون طوال كتراث حي قبل أن تنهار جزئيا إثر الهزة الأرضية، التي أصدر الملك إثرها تعليماته- خلال اجتماع الإعلان عن برنامج إعادة إعمار المناطق المتضررة- بضرورة الحفاظ على على هذا الإرث الثقافي وخصوصية المنطقة مع الحرص على صيانته.
وفي هذا السياق؛ أبرز امحمد احدى، أستاذ التعليم العالي بمختبر الجنوب المغربي وإفريقيا التابع لكلية الآداب والعلوم الإنسانية بأكادير، القيمة الثقافية التي تكتسيها منطقة الأطلس موضحا “أن جبال الأطلس الكبير والمتوسط تشكل العمود الفقري للمغرب، وكمثال لمعرفة حضارة هذه الجبال؛ فقد وصل صيتها إلى مشارف ليبيا في فترة الموحدين الذين استطاعوا توحيد المغرب الكبير لأول ولآخر مرة”.
وتعليقا على الضرر المادي الكبير الذي لحق بمعالم المنطقة التاريخية، عبّر أستاذ التاريخ، في حديث لـ”برلمان.كوم“، عن أسفه حيال ذلك مضيفا: “انا أرجع تبعات هذه الكارثة للحكومات المتعاقبة على المغرب منذ الاستقلال، إذ تم تهميش هذه المناطق الجبلية عن قصد فبقيت بدون بنيات قوية وتعرف انعدام الطرقات، وهو السبب الرئيسي في اندثار هذه المعالم”، مرجعا أحد الأسباب أيضا إلى فرار وهجرة سكان الدواوير إلى المدن ما أدى إلى سهولة اندثار معالمها.
وندد الأستاذ الجامعي بالتهميش الذي تعيشه منطقة الأطلس معتبرا أنه “لا يعقل تهميش هذه المناطق الجبلية وأن لا نستفيق إلا الآن (بعد الزلزال) لنبحث عن ماذا يجب فعله أو عدم فعله”، وأضاف أنه “لا يعقل أن يكون في المغرب سرعتان متفاوتتان؛ مغرب يمشي نحو التطور كقطار فائق السرعة وآخر يبقى في القرون الوسطى”.
كما أشار المتحدث أيضا إلى تأثر التراث اللامادي موضحا أنه يجب أن “لا ننسى أيضا خطورة تجميع الساكنة المحلية في مداخل الجبال في مراكز حضرية، ما سيؤدي لا محالة إلى اندثار القيم واللغة الأمازيغية كذلك”، معتبرا أن ذلك سيؤدي إلى “تعريب الساكنة كما وقع لجيراننا في ليبيا وتونس للأسف- في فترة حكم القذافي في ليبيا والحبيب بورقيبة في تونس- حيث تم تعريب سكان الجبال والرحل حين تم تجميعهم في قرى نموذجية”.
وكحل لكل ما تعانيه مناطق الأطلس هذه؛ قال احدى: “لي مطلب واحد ووحيد سيجلب التنمية للأقاليم الجبلية- ونأخذ فيه مثالا من الدول الجبلية كسويسرا مثلا، وهو إنشاء طريق سريع يشق هذه الجبال من شمالها إلى جنوبها، فيأتي من فاس أو مكناس ليمر مباشرة إلى وسط الأطلس المتوسط والأطلس الكبير وصولا إلى أولاد برحيل أو تارودانت”.
ويرى المتحدث أنه “عبر هذه الطريق سيتم تجميع مراكش بغيرها وسيتمكن الناس من التنقل والعمل وأيضا من إنشاء فنادق سياحية ومشاريع، ما سينتج عنه انتعاش للسياحة وبالتالي ستكون هناك تنمية حقيقية”. وشدد الخبير على أهمية تحقيق التنمية قائلا “هذه الآثار وغيرها أنا أراها ثانوية، يجب أن نرى الإنسان أولا”.