ما يحصل منذ مدة في القناة الثانية المغربية “دوزيم” لا يبعث على الاشمئزاز والسخط فقط، بل يثير مشاعر الشفقة والحسرة، لأن فضائح هذه القناة اصبحت تزكم الانوف من خلال ما ينشر ويكتب ويتداول في الصحافة والاعلام.
وسواء صدقنا او لم نصدق قصة الفتاة التي عرت حقائق مخزية حول ما تعرضت له، حسب قولها، واتهمت مباشرة وبدون تحفظ المدير العام للقناة الثانية، فاليقظة والحكامة تفرض علينا التأمل في هذا الاتهام الغريب لأنه يأتي بعد تراكم فضائح كثيرة.
فالأمر هنا لا يتعلق بكلام أسيئت ترجمته، او طرد تعسفي يمكن استيعابه وتفسيره، بل هو اغتصاب، وفض بكارة، وهتك عرض، واستغلال نفوذ، على حد قول المدعية.
والأنكى من كل هذا، أن المدعية “الضحية” تقول إن اغتصابها تم في بيت المدير العام، وأنها كانت تعمل تحت إمرته وإدارته فتحولت لتعمل تحت إرادته، وأنها بعد طردها من الخدمة التجأت إليه ليحميها ممن تعتبرهم متعسفين، وانها بحثت عن المدير الأمين فوجدت “الصدر الحنين” الذي كساها وعودا براقة قبل ان يستضيفها إلى مأدبة ليلية كلها ألم وأنين.
وإذا كنا هنا نتطرق لكلام “المدعية او الضحية” بشيء من التصرف في التعبير فدعونا نقول كلاما لعله خير ما يمكن قوله في هذه القضية، وهو ان الملف وضع بين أيادي القضاء الأمينة، والتحقيق وحده يمكن ان يكشف الحقيقة، اما الشق الثاني من الملف فهو بين يدي المنظمات المعنية بالدفاع عن كرامة المرأة والموظف والأجير وهي المنظمات الحقوقية.
وأمام كل هذه المعطيات المريبة والغريبة، هل عسانا نتطرق إلى المستوى الذي آل إليه وضع الإعلام السمعي بصري في بلدنا، وأن نتساءل عن الأسباب والدواعي التي جعلت القناة الثانية تنهار أمام أعين عشاقها ومحبيها ومتتبعيها وكأنها تعرضت بدورها للاغتصاب وهتك العرض مع سابق الإصرار والترصد .
فكيف لقناة ان تتعرض تباعا لحملات كثيرة تفضح الممارسات التي تحصل بداخلها؟ هل الدخان ينتشر ويصعد إلى السماء دون وجود نار حامية؟ أبدا والله.
فمباشرة بعد خروج هذه الفتاة لتفضح هذا الواقع المقرف، وتوجه أصابع الاتهام إلى أكثر من مسؤول تقول إنه تحرش بها، وتتوقف عند رئيس كل هؤلاء المسؤولين، وهو المدير العام، لتوجه إليه سيلا ثقيلا من الاتهامات الخطيرة، ومنها الاغتصاب، واستغلال النفود، طفا على السطح ملف آخر يخص موظفا بالقناة يقول إنه تعرض بدوره ل”هتك” العرض والكرامة، وسقط مغشيا عليه، واحتضنت قضيته بسرعة عدد من النقابات العمالية والتجأ صاحبه الى القضاء.
وقبل هذه الفضيحة أو تلك، طرح سؤال في البرلمان حول الوضع الاخلاقي في القناة، وانتظر المنتظرون ان يستجيب وزير الاتصال او يحرك ساكنا، لكن كرسي الوزارة حجب عليه الرؤيا “الله يكون في العون”، وتكونت لجان تحقيق للنظر في هذه الاتهامات، وأعلن حينها أن “المارد” هو مدير الموارد البشرية السابق، وتسرب بعد ذلك استنتاج غريب يقول إن ذاك المدير راح ضحية الرسائل القصيرة التي أدانته.
وما بين هذه الفضيحة وتلك، وجهت “الهاكا” إنذارات كثيرة إلى القناة الثانية حول قضايا كان أخطرها انها بتت برنامجا اعتبرته عدة أطراف أنه يشجع على العنف ضد المرأة. هذا البرنامج تداولته وسائل الإعلام خاصة المواقع الإلكترونية عبر العالم، دون أن يحرك ساكنا عند مسؤولينا.
هل من حقنا إذن، كإعلام هادف، أن نتساءل عن حقيقة ما يجري داخل هذه القناة؟ هل من حقنا ان نتساءل عن سبب وجود صحفية متدربة في بيت المدير العام؟ هل من حقنا ان نتساءل عن سر الرسائل القصيرة والأشرطة المسجلة التي نشرتها عبر الفايسبوك واليوتوب؟ هل من حقنا ان نتساءل لماذا أسقطت الرسائل القصيرة مدير الموارد البشرية، ولم تؤخذ بعين الاعتبار في قضية كهذه سواء كانت صادقة او مدعية؟
والادهى من كل هذه الأسئلة التي تحتاج الى اجوبة سريعة ومستعجلة، هو الواقع الذي أصبحت تتخبط فيه هذه القناة، والذي يدفعنا إلى الاستفسار عن مستقبلها ومصيرها.
إن المتفرج المغربي وقد أصبح بقدرة قادر متفرجا تركيا يتلقى مسلسلات وانتاجات تركية، باللهجة الدارجة، ضاق ذرعا من هذه الممارسات التي تمس كرامته، وتخدش حياءه، كما ضاق عرضا بالبرامج التنشيطية التي تهتك حرمته وعرضه، والتي تسير بالقناة الثانية إلى أسفل السافلين.
وخاتمة القول نتوجه بها إلى لكل من تعرض لمس الكرامة داخل هذه القناة لنقول لهم: لا تيأسوا نحن جميعا ضحية لهتك العرض ومس الكرامة …من خارجها!