تمعن جماعة العدل والإحسان في ازدراء ومعاداة قضايا المغرب والمغاربة، ليس فقط بالأقوال والشعارات، وإنما حتى بالأفعال والممارسات، مما يفضح الارتباطات عبر الوطنية لهذه الجماعة الملتحفة برداء الدين.
بل إن المتتبع لتحركات إخوان محمد عبادي يكاد يتلمس بالواضح “اللامبالاة” المفضوحة التي تتعاطى بها جماعة العدل والإحسان مع الانشغالات الحقيقية للمغاربة، في مقابل إسراف “الإخوان” في المتاجرة بقضايا فلسطين والأمة البعيدة على حساب قضية الأمة المغربية القريبة.
كراهية على أساس الدين
لم يخف أتباع جماعة العدل والإحسان دعوات الكراهية والتمييز على أساس الدين، بل جاهروا بها على رؤوس الأشهاد خلال المسيرة التي نظموها صبيحة الأحد بمدينة الدار البيضاء، والتي تظاهروا بأنها لنصرة سكان غزة والشعب الفلسطيني، بيد أنها صدحت في الحقيقة بدعوات الكراهية ضد مواطنين مغاربة يعتنقون الديانة اليهودية.
فقد ردد أتباع جماعة العدل والإحسان شعارات تحرض على الكراهية والتمييز ضد مواطنين مغاربة، وتنعتهم ب”الصهاينة”، وهي شعارات خطيرة تكتنف تهديدا خطيرا وتمييزا بين أبناء الشعب المغربي، المختلف في روافده الاثنية والدينية والعقائدية.
وقد فضحت هذه الشعارات التحريضية والتمييزية منسوب الكراهية المرتفع الذي يعتمل القواعد الشعبية وكذا “مشيخة” جماعة العدل والإحسان، والتي يبدو أنها تبارك هذا النوع من الشعارات التي تحرض على العنف وتخلق شروخا صعبة الاندمال في النسيج المجتمعي.
والمؤسف أن حتى التيارات الأخرى التي شاركت في مسيرة الأحد، بما فيهم العدالة والتنمية والتوحيد والإصلاح وباقي الأطياف اليسارية، باركت بصمتها وسلبيتها هذا النزوع الخطير والانحراف الصارخ في شعارات العدل والإحسان التي تحض على العنف والتمييز والكراهية على أساس الاختلاف الديني والعقدي.
غزة قبل السمارة!
رغم مرور ساعات طويلة على انفجارات السمارة، والتي أودت بحياة مواطن مغربي وإصابة ثلاث ضحايا آخرين بجروح نتيجة مقذوفات متفجرة، لم تخرج جماعة العدل والإحسان للتظاهر والتضامن مع سكان السمارة، رغم أن ميليشيات البوليساريو تبنت هذه الاعتداءات الإرهابية الغاشمة.
أكثر من ذلك، لم تكلف جماعة العدل والإحسان ناطقيها في شبكات التواصل الاجتماعي بنشر تدوينات أو بلاغات تضامنية مع الضحايا المغاربة، ولا قامت بازدراء واستهجان من تلطخت يده بالدماء الزكية والعطرة للمواطنين المغاربة.
فلم نسمع لحد الآن حسن بناجح ولا فتح الله أرسلان ولا كبيرهم الذي علمهم التدوين، ينتصرون للضحايا المغاربة ويصدحون بالتضامن معهم. فهل أجندات جماعة العدل والإحسان لا تحتمل التضامن مع المغاربة؟ أم أن دماء سكان غزة هي أطهر من دماء سكان السمارة؟ وهل التضامن مع سكان السمارة من شأنه أن يحرج جماعة العدل والإحسان خصوصا في ظل ارتباطاتها الدولية في إيران تحديدا؟
إن سلبية ونكوص جماعة العدل والإحسان كلما تعلق الأمر بقضايا المغاربة، لم تعد مسألة مطمورة ولا مستورة، بل إن الأصل والقاعدة هو ازدراء إخوان عبد الواحد المتوكل ومحمد الحمداوي لقضايا المغاربة، مقارنة مع اهتمامهم المبالغ فيه بالقضايا الإقليمية والدولية.
فموقف جماعة العدل والإحسان خلال زلزال الحوز ليس ببعيد عن هذا النكوص! وموقف الجماعة قبل ذلك خلال الجائحة الصحية، يعزز كذلك هذه السلبية ويعضدها ويبرزها بشكل أكثر جلاء. وهذا التباين الصارخ يجعلنا نتساءل حقيقة عن أهواء جماعة العدل والإحسان؟ فهل يسكنها فعلا المغرب مثلما يسكننا جميعا، أم أن التقية هي من تفرض عليها مساكنتنا في المغرب، بيد أن قلبها ينبض فقط مع إيران وحماس ويخفت عندما يصاب المغرب والمغاربة؟