مع حلول الساعة الثامنة أو التاسعة مساء من كل يوم؛ يغير سائقوا سيارات الأجرة الصغيرة إعدادات عدادات سياراتهم لزيادة ربع أو نصف السومة المتفق عليها نهارا. زيادة مقرونة بالتوقيت الليلي تتأرجح بين إرضاء لهؤلاء المهنيين الذين يوازنون بها معادلة ربحهم وبين استياء الزبناء من المواطنين الذين لا يستصيغون ذلك، ويعتبرون الأمر استغلالا من أصحاب سيارات الأجرة بصنفيها.
ووسط هذا التأرجح، يبقى أكثر ما يمتعض مستعملي سيارات الأجرة الصغيرة هو بعض السلوكيات والممارسات التي يمارسها عدد من مهنيي سيارات الأجرة، ممارسات تتمثل بعضها في ركن السيارة جانبا أو التماطل ورفض نقل العملاء في انتظار حلول الساعة الثامنة كي يستفيدو من ربح أكبر.
وارتباطا بذلك؛ أوضح نور الدين فاضل، نائب رئيس المجلس الجهوي للمفوضين القضائيين لدى محكمة الاستئناف بالرباط، في تصريح لموقع “برلمان.كوم”، أن “هذه الزيادة في تسعيرة رحلة نقل سيارة الأجرة الصغيرة خلال الليل هي تتم طبقا لقرارات عاملية”.
وأكد فاضل أن “القرارات التي يصدرها العامل هي بمثابة قانون وملزمة، وهو بما له من سلطة تقديرية وباعتباره مسؤولا على هذا القطاع وبناء على اجتماعات مع النقابات المسؤولة في هذا القطاع والتي تطرح مطالبها المعيشية، فهو يستجيب لهم في حدود المعقول”.
وأضاف ذات المتحدث، أن “نسبة الزيادة هي أيضا يتم تحديدها من طرف العامل، وأي مخالفة لها من طرف المهني تدخل في إطار جريمة الغدر التي يعاقب عليها القانون. فإذا طلب سائق سيارة الأجرة سعرا أكثر من المحدد فيمكن متابعته تأديبيا عبر رفع شكاية ضده بمركز التنقيط، كما يمكن للزبون التوجه إلى النيابة العامة”.
واعتبر ذات المفوض القضائي، أنه “إذا لم تكن هناك زيادة في تسعيرة الليل فلا أحد من سائقي سيارات الأجرة سيوَدّ الاشتغال خلال هذه الفترة، لأنهم يشتغلون في عمل حر، ولا أحد يحق له أن يفرض عليهم شيئا. فهذا يعتبر نوعا من التحفيز كي تبقى سيارات الأجرة متوفرة في الليل ولا تشل حركة النقل”.
وعن مدى قانونية تلك الممارسات المرتبطة بانتظار حلول وقت الزيادة؛ قال ذات المتحدث: “بصراحة إذا كانت سيارة الأجرة متوقفة فبطبيعة الحال هذا لا يعاقب عليه القانون، أما ما يعاقب عليه القانون فهو رفض صاحب سيارة الأجرة نقل الزبون بدون عذر موجب”.
ومن جهته، أبرز الصالحي محمد، رئيس جمعية حماية وتوجيه المستهلك بالرباط وعضو الجامعة المغربية لحقوق المستهلك، في حديث لموقع “برلمان.كوم”، أن “سيارة الأجرة الصغيرة ترتبط بعدة مشاكل أو تتنوع مشاكلها من خلال نوعية الشكايات التي ترد علينا من طرف المستهلكين”.
وأضاف الصالحي: “سيارة الأجرة ابتداء من التاسعة ليلا تزيد نسبة 25 في المائة على سعر وتعريفة النقل. وهذا متعارف عليه ويعرفه الخاص والعام من المواطنين. ولكن المشكل الذي بات مطروحا هو أن بعض سيارت الأجرة أو جلها تسبب عراقيل ومشاكل للمستهلكين باتخاذها بعض السلوكيات غير اللائقة، كأن يبقى صاحب سيارة الأجرة متوقفا عن العمل ويترك الركاب بدون خدمة، حتى يتكاثر عدد الركاب ويحل وقت الزيادة الليلية”.
وتابع الصالحي قائلا: “والغريب في الأمر أن التعريفة لا تقتصر على 25 في المائة، فسائق سيارة الأجرة أصبح يعتمد معايير خاصة به كأن يوصلك في رحلة قيمتها 30 درهما فيطلب منك 60 درهما أو 70 درهما، فلا يعود ملتزما بالحدود والقانون والتعريفة التي تحددها الجهات المختصة”.
وأشار ذات المتحدث إلى أن “سائق سيارة الأجرة ملزم بعدة معايير منها مثلا الهندام والأخلاق والمعرفة السطحية بمجموعة من الأشياء.. وهذا لا يتوفر في غالبية العاملين بالقطاع”، مشددا على أنه “على الجهات المعنية بمنح رخصة السياقة المهنية النظر في هذه المسألة المتعلقة بمنح رخصة الثقة”.
ومن جانب آخر، أكد الصالحي على أنه “يجب على المستهلك أيضا أن يمارس حقوقه، إذ ننبهه مرارا إلى ضرورة ذلك، إلا أن حق المستهلك يبقى باهتا أمام تغول التنظيمات التي تنظم سيارات الأجرة الصغيرة أو الكبيرة أو وسائل النقل بصفة عامة..”.
وفي هذا السياق؛ قال الصالحي: “نحن نقترح حلولا تتجلى أساسا في تحرير القطاع، لأنه إن لم يتحرر وبقي رهينا في أيدي لوبيات معينة، فسيبقى محتكرا، لأن مجموعة من الناس يبقون محتكرين رخص نقل لسنوات طويلة ما يلغي التنافسية”.