“سمر كرم”، صحفية عربية في ألمانيا ترصد أهم الأجواء التي طبعت المدن الألمانية خلال شهر رمضان على مر السنوات، وتشير أن هذه الطقوس تتميز بالتعايش، التي يحرص من خلالها المسلمون على التعريف بالقيم الإسلامية.
في هذا الصدد تشير سمر، إلى أن شهر رمضان في الدول العربية يتميز بأجواء خاصة يمكن للمرء ملاحظة مظاهرها على وجوه الناس وفي الشوارع وكل مكان، ورغم افتقاد المسلمين في ألمانيا لتلك الأجواء الاحتفالية، إلا أنهم يحاولون تعويضها ولكن بطريقتهم الخاصة.
تؤكد المتحدثة نفسها، أنه إذا ما سرت في شوارع أي دولة عربية في شهر رمضان، فستشعر أن هناك شيئاً مميزاً في هذا الشهر، يظهر في زينة الشوارع والمأكولات الخاصة و”موائد الرحمن” في بعض البلدان، وتجد كل شيء معداً لاستقبال الشهر الكريم.
الأسرة والأصدقاء ضرورة أساسية في رمضان
لكن المسلمين المقيمين في ألمانيا يعيشون أجواء مختلفة، وهو ما يجعل الصيام يبدو أصعب أحياناً كما تؤكد إيمان، مصرية مولودة في ألمانيا، التي تضيف: “لقد قضيت رمضان في مصر وكان جميلاً جداً ومختلفاً جداً عن رمضان في ألمانيا. فهنا يشعر المرء أنه يصوم وحده، ما يجعل الأمر أصعب. وما يخفف عني هو تشجيع الأسرة والأصدقاء من المسلمين”.
وتشاركها الرأي سهام المغربية، التي تقضي رمضان لأول مرة خارج بلدها وتضيف: “رغم حرارة الطقس في جنوب المغرب، حيث أسكن، إلا أن الصيام هناك يبدو أسهل منه في ألمانيا لأن الكل صائم ولا أحد يأكل أمامك”.
يسعى المسلمون المقيمون في ألمانيا إلى تعويض هذه الأجواء الجماعية التي تميز الدول الإسلامية في شهر رمضان من خلال تحضير إفطارات جماعية للأسرة والأصدقاء.
وتؤكد إيمان أنهم يحرصون على تنظيم هذا الإفطار الجماعي أكثر من مرة أسبوعياً. وتشاركها الرأي السورية المولودة في ألمانيا نورا، التي تؤكد أنها وزوجها يضعان برنامجا واضحا منذ بداية شهر رمضان لكي يضمنوا أنهم قاموا بدعوة جميع الأصدقاء على الإفطار. فنورة تحرص على أن يسود الجو العائلي شهر رمضان سواء بالنسبة لأصدقائها وأصدقاء زوجها أو لأصدقاء أولادها الصغار.
رمضان فرصة لتعريف الألمان بديننا الحنيف
ولا يقتصر الأمر على دعوة الأصدقاء من المسلمين، فنورة، السيدة الناشطة في مجال حوار الأديان، تؤكد أنهم يحرصون على تحضير إفطار جماعي مرة سنويا يدعون إليه النساء اللاتي يعملن معهن.
وتشير إلى أنه دائماً ما يكون لدى هؤلاء السيدات الكثير من الأسئلة المتعلقة بالصيام، متوقعة أنهن سيسألن بالتأكيد هذا العام عن صعوبة الصيام في ظل النهار الطويل في فصل الصيف.
وليست هذه هي المبادرة الوحيدة لدعوة غير المسلمين على مائدة الإفطار، فعبد العزيز يؤكد أن “الاتحاد العالمي للطلبة المسلمين” في “آخن” يحرص منذ ست سنوات على تنظيم إفطار جماعي يدعو إليه المسلمين وغير المسلمين.
وقد شارك هو في الإعداد لهذا الإفطار في السنتين الماضيتين، واستمتع بالاهتمام بكل التفاصيل بداية من البرنامج الترفيهي ونهاية إلى كل تفاصيل الطعام. أما أفضل ما في الأمر على حد قوله، فهو “اللقاء مع إخوة لك في الإنسانية، حيث نتعارف فيسأل غير المسلم عن معنى رمضان ونتسامر وينتهي اللقاء بوجبة لذيذة”.
وتشارك إيمان سنوياً أيضاً في الإعداد لهذا الإفطار الجماعي، وتعتبرها فرصة رائعة خاصة للألمان الذين ليس لديهم أصدقاء مسلمين، حيث يطرحون تساؤلات عديدة وبالتالي يكون هذا اللقاء فرصة لهم للتعرف على المسلمين عن قرب.
من ناحية أخرى، تشير إيمان إلى حرصهم على القيام بجمع التبرعات خلال هذا الإفطار، وتخصص هذه التبرعات سنوياً لدول تعاني من كوارث، وسترسل التبرعات هذا العام على سبيل المثال إلى ضحايا المجاعات في الصومال.
التعايش يطرب فطور المغتربين
ويحرص المسلمون في ألمانيا على التعريف برمضان لدى المسلمين، وعلى الاحتفاظ ببعض عادات بلادهم في رمضان.
فنورة تؤكد أن طبخ المأكولات السورية الخاصة بهذا الشهر تعد أمراً أساسياً، خاصة بالنسبة لأولادها الذين يختارون يومياً ما يريدون أكله. أما سهام، المغربية التي تقضي شهر رمضان لأول مرة بعيداً عن بلدها وأسرتها، فقد وجدت ضالتها في شارع في دوسلدورف، مليء بالمحال التجارية المغربية. وتقول سهام في هذا السياق: “وجدت الحريرة، وهي الحساء المغربي، والشباكية وهي نوع من الحلوى المغربية، وكلاهما يميز شهر رمضان وطبخهما صعب”.
عبد العزيز، يرى المطبخ الإماراتي فقيراً بالمقارنة بدول عربية أخرى، لكنه يشير إلى أن هذه النقطة كانت إيجابية بالنسبة لقضائه شهر رمضان في ألمانيا، حيث دائماً ما كان يدعى من طرف أصدقائه من السوريين والمصريين والمغاربة وغيرهم، وبالتالي تعرف على أكلات من كل الدول. وتوافقه الرأي إيمان التي تضيف: “رمضان في مصر تميزه المأكولات المصرية فقط، لكن بالفعل رمضان لدى المسلمين المقيمين في أوروبا أغنى. فهنا نلتقي جميعا ونفطر معاً، ويحضر كل منا وجبة ما، وبالتالي نتعرف على مأكولات عديدة من كل الدول الإسلامية وليست العربية فقط”.