يجْتاح الريع والفساد والمضاربة والسمسرة في أسواق بيع الخضر والفواكه المشهد التجاري بشكل لافت، مما يؤدي إلى ارتفاع هذه السلع بشكل كبير وغير معقول، خصوصا مع اقتراب شهر رمضان المبارك، وهذه الممارسات السلبية تثير قلقا واستياء لدى المواطنين وبعض المهنيين في هذه الأسواق -أسواق الجملة-.
ومن أجل التصدي لهذه الظاهرة المستفحلة، يتطلب الأمر جهودا وإجراءات تشمل التشديد والتعامل بصرامة مع المخالفين ومحاسبتهم بشكل فعال، وهو الأمر الذي لم تتحرك لأجله الحكومة المغربية لضمان توفر هذه السلع الأساسية بأسعار معقولة، سواء من خلال دعم الإنتاج المحلي أو التحكم في عمليات الاستيراد والتصدير، وشد حبل الفساد الذي يؤثر بشكل مباشر على المغاربة وعلى قفتهم.
وفي هذا السياق، يرى خبراء أنه من المهم أن يكون هناك تفعيل لدور الرقابة والرصد المستمر على الأسواق المحلية، بالتعاون مع الجهات المعنية، للحد من تلك الظواهر السلبية وضمان استقرار الأسعار وتوافر السلع الأساسية بشكل عادل ومنصف للجميع.
ريع وفساد
وفي هذا السياق، قال محمد جدري، إن “القدرة الشرائية للمغاربة تدهورت منذ أبريل من سنة 2021، حيث أثر ارتفاع أسعار المحروقات ومجموعة من المواد الأولية بشكل كبير على سلاسل الإنتاج والإمداد، وبالتالي تم تسجيل ارتفاع في أسعار مجموعة من السلع والخدمات بشكل صاروخي”.
وأضاف الخبير الاقتصادي في تصريح لموقع “برلمان.كوم” أن مجموعة من الأسر من ذوي الدخل المحدود والمتوسط توقفوا عن شراء بعض السلع ومجموعة من الخدمات.
وبالموازاة مع ذلك، تُسجل الحكومة المغربية غيابا تاما في محاولة تطويق هذا الوضع والحد منه، حماية للمستهلك المغربي، إذ قال جدري “حان الوقت اليوم لإعادة النظر في المنظومة التسويقية كونها تعاني من مجموعة من المشاكل، كالريع والفساد والمضاربين والمحتكرين والوسطاء، ومجموعة من الممارسات غير الأخلاقية تجعل فئة تغتني وفئة أخرى من المجتمع لا تستطيع سد رمقها”.
مراقبة غير كافية
وأشار الخبير الاقتصادي إلى أن لجان المراقبة التي تم إحداثها بعدد من الأقاليم والعمالات “غير كافية”، ضاربا المثل بالسنة الماضية التي “تم إنهاؤها بـ320 ألف نقطة مراقبة”، وقال “عندما تتم قسمة هذا العدد على عدد أيام السنة وعلى عشر مدن، فإن هذا الرقم لا يتجاوز 50 نقطة مراقبة كل يوم في المدينة الواحدة”.
وتابع ذات المتحدث أن “نسبة المخالفات مقارنة مع نقاط المراقبة لا تتجاوز 4 في المائة أو 5 في المائة، ففي السنة الماضية من بين 320 ألف نقطة مراقبة تم تحرير 15 ألف مخالفة فقط، وهذا يبقى رقما ضعيفا جدا”.
ودعا جدري، من جهة أخرى، إلى الرفع من الإنتاجية في المغرب، معتبرا أن “هناك مشكلا في عرض المنتوج الموجه للسوق المحلية، بالإضافة إلى المنظومة التسويقية التي تعاني من مشكل كبير، على مستوى أسواق الجملة، التي تعرف انتشارا كبيرا للمضاربين والمحتكرين والسماسرة”، داعيا كذلك إلى تعزيز المراقبة انطلاقا من اللجان بالعمالات والأقاليم، وتوفير الإمكانيات المالية واللوجيستيكية والبشرية كي تقوم بدورها.
وشدد الخبير الاقتصادي على أنه إذا لم يتم اتخاذ هذه الإجراءات سيواجه المواطن المغربي في كل فترة زيادة في الأسعار، وبالتالي الدوران في حلقة مفرغة، خصوصا مع اقتراب شهر رمضان الذي يكثُر فيه الطلب، مشيرا إلى أنه من المتوقع أن ترتفع بعض أسعار المنتوجات في هذا الشهر.