إن كان في المغرب من كائن يمكنه التنويه بحصيلة عبد الاله ابن كيران على رأس الحكومة، فلا تبحثوا عنه ضمن الطبقة الكادحة، ولا وسط الفئة المتوسطة ولا عند الأغنياء.
لن تجدوه وسط الشباب، ولا مع الأساتذة المتدربين ولا جدوى أن تبحثوا عنه عند الفلاحين ولا وسط النساء، فهن مجرد “ثريات” عند ابن كيران. لن تجدوه بين معسر البشر لأنه ليس بإنسان ولا حتى بحيوان. إنه البصل.
ابن كيران الذي وعد المغاربة خلال حملته الانتخابية بتحسين ظروف عيشهم وصون كرامتهم، لم يف بوعوده حيث دُسّت كرامة المواطن وصونت كرامة البصل.
حين كان ثمن الكيلوغرام من البصل يساوي جوج دريال (10 سنتيم)، كنّا نقول، إذا أردنا أن نقلل من قيمة أحد: “ماكتسوا حتى بصلة”. والآن وقد وصل ثمن الكيلوغرام من البصل ميتاين و40 ريال (1.200 سنتيم) أصبحنا نلمس البصل في السوق بلطف وعناية حتى لا يسقط من أيدينا تماما كما يتعامل المرء مع الحلي عند بائع المجوهرات، فيمكن للبصل أن يقول للموز (البنان يا حسرة!) “ماكتسوا حتى بنادم”.
لقد رد ابن كيران الاعتبار للبصل و”دار لو الشان” على حساب الإنسان. لكن بالرغم من قساوة الظروف، حافظ المغاربة على جانبهم الفكاهي ولم يخرجوا إلى الشارع للاحتجاج على ثمن البصل، بل كان ردهم على رئيس حكومتهم رائعا، لأن الأمر يتعلق بالبصل، ولأن المغربي بطبيعته متعاطف مع الضعيف.
هكذا تفتقت عبقرية المغاربة عبر الأنترنيت والمواقع الاجتماعية وجادت قريحتهم بأجمل النكت والتعابير والصور كلها تشيد بالبصل و تضعه موقع القمر.
بعد تحرير أسعار المحروقات وارتفاع فاتورة الماء والكهرباء وثمن الكراء وسعر جل المواد الغذائية مقابل تجميد الرواتب، لم يظن المغاربة يوما أن البصل سيفعلها بدوره. لقد “خرج لهم من الجنب”.
“كثرة الهم كتضحك”