باعتبار شهر رمضان شهر العبادة والتقرب إلى الله عزّ وجل، تتزين المساجد لاستقبال المصلين الصائمين لإقامة الصلوات من الفجر حتى صلاة التراويح والتهجد في العشرة أيام الأخيرة من شهر رمضان، وتتميز المملكة المغربية بضمها العديد من المساجد التاريخية.
موقع “برلمان.كوم” يسافر بكم عبر سلسلة رمضانية “مساجد حول العالم“ للتعريف بالمساجد الأكثر شهرة عبر العالم، والتي غالبا ما تتميز بتصميمها المبهر وطرازها المعماري الإسلامي الذي يجعلها تختلف كثيرا عن مساجد أخرى.
في حلقة اليوم سنحط الرحال بمدينة الجديدة، للتعريف بمسجد الملاّح بالحي البرتغالي، الذي جرى تشييده بأمر من السلطان العلوي مولاي عبد الرحمان بن هشام ( 1822 /1859 م)، والذي يعد تحفة هندسية مميزة جمعت بين الجمال والبساطة.
وقد اجتمع في هذه المعلمة الدينية والمعمارية، التي شيدت في بداية عهد هذا السلطان، ما تفرق في غيرها من خصائص فريدة لأنها بكل بساطة تختزن تحفا ثمينة في البناء والتجهيزات والهندسة المعمارية، حتى أصبح كل شيء فيها يجر وراءه تاريخا قائما بذاته، فتداخلت في ثناياها تواريخ عديدة.
ويشرف هذا المسجد على الساحة المركزية للقلعة البرتغالية، غير بعيد عن الكنيسة البرتغالية “سيدة الصعود”.
ويتميز هذا المسجد بمئذنته الفريدة ذات الأوجه الخمسة، التي شيدت فوق برج الرباط، أحد أبراج المراقبة في الحصن البرتغالي الأول، حيث كان برج الرباط يمثل أعلى أبراج هذا الحصن، فكان يعلوه عمود دائري للإشارات للتبليغ عن أية هجمات مرتقبة.
وقد تم تحويل برج الرباط إلى مئذنة لهذا المسجد، الذي كان يسمى ”الجامع الكبير” بعد سنة 1880، في عهد السلطان مولاي الحسن الأول (1873 /1894 م)، وذلك حتى يتمكن الناس من سماع الآذان للصلاة بصوت أعلى، نظرا لعلو المنارة الجديدة مقارنة مع المنارة القديمة للمسجد.
فالمنارة القديمة أو المئذنة، حتى وإن بترت أجزاء عليا منها، ما تزال تتعايش مع المنارة الجديدة. وهذا من فرادة هذا المسجد الذي يتوفر على منارتين تؤثتان الفضاء المعماري الخارجي للمسجد، ذلك أن المئذنة الأصلية للمسجد هي رباعية الأوجه، وهي ما تزال قائمة لتشكل أحد أجزاء هذه المعلمة.
وحتى لا تكون المئذنة المحولة منفصلة عن المسجد ( أي البرج المحول)، فقد تم ربطها بالمسجد من خلال بناء جسر صغير تعلوه غرفة صغيرة.
ويعتبر المسجد العتيق للحي البرتغالي بالجديدة، أو “جامع الملاح”، ذاكرة متميزة ومعلمة تاريخية شاهدة على جانب كبير من تاريخ مدينة الجديدة.