منذ انتخابها شهر أكتوبر من سنة 2021، تعيش حكومة رجل المال والأعمال عزيز أخنوش وضعا لا تحسد عليه، بسبب سياستها التفقيرية في العديد من القطاعات الحيوية من جهة، وبسبب الوضع على الصعيد العالمي، من تضخم وتغيرات مناخية وطول موسم الجفاف وقلة التساقطات من جهة أخرى، ما أفرز احتقانا اجتماعيا غير مسبوق، تزيد حدته يوما بعد يوم جراء غلاء المعيشة.
نتائج انتخابات 2021.. حزب الأحرار يترأس المشهد
أفرزت انتخابات 2021، تزعم حزب التجمع الوطني للأحرار برئاسة عزيز أخنوش للمشهد السياسي، بعد حصده 102 مقعدين بمجلس النواب، متبوعا بحليفه الجديد حزب الأصالة والمعاصرة بـ86 مقعداً، وحزب الاستقلال بـ81 مقعداً، الأمر الذي جعل أخنوش يقتصر على هذين الحزبين فقط لتشكيل حكومته بأغلبية برلمانية قوامها 269 مقعداً، من أصل 395 برلمانيا، فضلا عن هيمنته بشكل كامل على مختلف المجالس الترابية في الانتخابات المحلية والجهوية، ما مهد الطريق أمامه لبسط سيطرته بالكامل على مختلف القطاعات الحيوية وبالتالي التحكم في مصير المغاربة.
وعود انتخابية كبيرة لحكومة صغيرة
رفعت حكومة عزيز أخنوش منذ انتخابها شعارات كبرى لإصلاح الوضع المعيشي للمغاربة، من خلال الالتزام والوفاء بالوعود الانتخابية سيما الشق المرتبط ببرنامج حزب الأحرار الموقع بضمانات “شيرو علينا بالحجر”، والمتعلق بتخصيص دخل مادي لكبار السن قيمته 1000 درهم شهريا، ورفع أجرة الأستاذ في بداية مشواره من 5000 درهم حاليا إلى 7500 درهم، فضلا عن خلق مليون منصب شغل، وسلسلة وعود أخرى لقطاعات حيوية كالتعليم والصحة قد تكلف ملايير الدراهم من الخزينة، إلا أن هذه الوعود ومع بداية السنة الثالثة لحكومة عزيز أخنوش أي بداية النصف الثاني للولاية، لا وجود لمؤشرات لتحقيقها، بل تسببت هذه الوعود في تفجير أزمات تاريخية وغير مسبوقة، كما هو الحال لإضراب الأساتذة الذي يدخل شهره الثالث ويهدد أبناء المغاربة بسنة دراسية بيضاء.
حكومة أولاد الناس.. وأزمة الغلاء
بمجيء أخنوش، رجل الأعمال، وقائد حكومة “أولاد الناس”، كما ظل يروج لذلك في العديد من اللقاءات الحزبية، استبشر المغاربة خيرا، سيما بعد نهاية مرحلة التجويع والتقشف والأزمات التي رافقت حكومة حزب العدالة والتنمية في نسختها الأولى والثانية، إلا أن آمال المغاربة سرعان ما تبخرت مع استشعارهم لموجة غلاء غير مسبوقة همت مختلف المواد الاستهلاكية، مباشرة بعد الارتفاع الصاروخي في أسعار المحروقات والتي بلغت مستويات قياسية لامست سقف 16 درهما للتر الواحد أي ضعف ما كانت عليه قبل اعتماد نظام المقايسة وتحرير الأسعار.
بسبب هذه الأزمة التي ضربت جيوب المغاربة وقضت على مدخراتهم، أصبح اسم أخنوش اليوم في الأوساط الشعبية، ملازما للتعبير عن الغلاء، لسبب بسيط يتجلى في ارتباط هذا الإسم بشركات المحروقات المهيمنة على القطاع، التي تعد سببا من الأسباب الرئيسية في غلاء وسائل النقل ومعها الخضر والفواكه، وباقي المواد الأساسية التي أصبحت اليوم حكرا على الطبقة الغنية وبعيدة المنال عن عامة الشعب.
حكومة عزيز أخنوش والاحتقان اجتماعي
كان طبيعيا أن تتسبب موجة الغلاء وتدهور الوضع المعيشي للمواطن المغربي، في تفجير أزمة لا تقل خطورة، والتي بدأت بوادرها من خلال قطاع التعليم، فضلا عن منسوب غضب شعبي كبير يتضخم يوما بعد يوم بتضخم الأسعار، الأمر الذي يهدد بنسف السلم الاجتماعي، مع تعالي الأصوات المنددة بالوضع المعيشي المزري لملايين المغاربة، بحيث اتسعت دائرة الطبقة الفقيرة لتشمل 3 ملايين و200 ألف مواطن مغربي، منذ مجيء حكومة عزيز أخنوش.
تدهور الوضع المعيشي لدى الأسر المغربية الذي ينذر باحتقان اجتماعي غير مسبوق، نبهت إليه مؤسسات عمومية تمتاز بمصداقية كبيرة، ويتعلق الأمر بالمندوبية السامية للتخطيط، التي أشارت في مذكرة إخبارية لها حول نتائج بحث الظرفية لدى الأسر، أن 87,3 في المائة من الأسر صرحت، خلال الفصل الثاني من سنة 2023، بتدهور مستوى المعيشة خلال الأشهر الـ 12 الماضية، في حين اعتبرت 10 في المائة منها أن مستوى المعيشة استقر، وأفادت 2,7 في المائة من الأسر بأنه قد تحسن.
كل هذه المؤشرات وغيرها، تزيل مساحيق التجميل التي تكلف حكومة عزيز أخنوش ملايين الدراهم سنويا من خلال صفقات الدعاية لحصيلتها الوهمية، ما يجعل منها حكومة أزمة معيشة، وجب عليها تدارك الأمر في النصف الثاني من ولايتها، لإنقاذ ما يمكن إنقاذه وإلا فسيحق للمغاربة اعتبارها ذكرى سيئة في تاريخ المغرب الحديث.