سامية ابنة الطرب البارة، الزوجة، الأم، المطربة والمثقفة، التي ظلت وفية للموسيقى المغربية الأصيلة.
سبحت في عوالم الملحون والأندلسيات والطرب، وكانت تلميذة نجيبة لأهم موسيقيي البلاد، وكانت الحنجرة الأخيرة التي توجها الراحل سعيد الشرايبي بعِقد ألحانه الماسية.
سامية أحمد وبعد رحيل الموسيقار الشرايبي، وجدت صعوبة في الحديث إلينا دون ذرف دموع الافتقاد والحسرة، وصفته ب “العراب”، “الأب الروحي”، “الصديق” الذي لازمته 14 سنة، فنهلت من معينه قبل عشق الموسيقى وأسرارها، حب الناس والخير والرحمة والسلام.
تحدثت لنا الفنانة سامية عن بداياتها الفنية، حيث عشقت منذ السنوات الأولى من عمرها الموسيقى، وطربت لها، اختارت خلافا لجل الفتيات في سنها أن تشدو حنجرتها الذهبية بكل ماهو أصيل، فأبدعت في صنوف الطرب المغربي والأندلسي والشرقي. مرت السنوات ولم تمنعها ارتباطاتها الحياتية من الوفاء للموسيقى ولهذا الحب الإلهي الذي تولده وتجدده جذوة الفن المتقدة بداخلها.
“تحية” كان آخر ابداعاتها الفنية، بوابة روحية تطوف بك لعوالم جديدة، تجمع الشرق بالغرب في حلة مغربية أصيلة موقعة بأسماء أشهر أعلام الشعر والعرفان.
ألبوم يُعد مرجعا في الحب والعشق والمحبة والتعبد، مزينا بريشة المتميز الراحل الشرايبي.
وعن تعلق الفنانة بأشعار الحراق وابن زيدون وابن عربي، قالت “إن بيئة الفنان تحكم على أذواقه إلى حد بعيد، فبفضل نشأتي وسط أسرة مثقفة محبة للفن والأصالة، وجدت نفسي مرآة جديدة تعكس هذا الحب الطاهر والنبيل لكل ماهو رفيع ومتميز”.
لكن ذلك لم يمنع توجه سامية للتحديث في الايقاعات والاختيارات، فقدمت كوكتيلا فنيا أصيلا ورائقا في الألبوم الأول لها، قالت إنها تستهدف به الشباب لتجتذبهم من دوامة الموسيقى الرثة والبالية إلى سماوات الحب والمتعة الروحانية.
سامية قالت إنها لطالما رفضت أن تبتذل بصوتها جلبا للربح أو السمعة، وإنها ستظل وفية ما بقيت، للأصالة والطرب والذوق الرفيع ولجمهوره الذي لن “ينقرض”، مدعمة اعتقادها بالقول …”في نهاية الأمر لا يصح إلا الصحيح”.
سامية قالت إن الموسيقى تهذيب للروح وللنفس وللذوق، وإن أي تدنيس لها أو تهزيل لمكانتها وقيمتها المعنوية يدمر بشكل فوري كيان المتلقي، “الفنان مكلف برسالة وحمل ثقيل، إن مهمته أن يجعلك انسانا أفضل، وتهوره في الاختيارات وتهاونه في قراراته يُعرض أمة بأسرها للانحلال”.
من حفل لآخر، ومن مهرجان لآخر، تنشر سامية رسالتها السامية فعلا، لتشنف بها ما أمكن من أسماع، تستعد لطرح ألبوم آخر تكرم من خلاله هذا الفن وأبرز محاربيه، وتستعد لإلقاء تحايا جديدة على جمهورها الواسع، في مسيرة وفاء ممتدة لرسالة الفن النبيلة.