حذّر خبير في مجال المياه من أن 75 % من سكان الوطن العربي يقعون تحت خط “الفقر المائي”، ونبّهوا إلى أن العاصمة اليمنية صنعاء أولى عواصم العالم المهددة بالجفاف.
واعتبر محمد الحمدي، الخبير في مجال المياه في “اللجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا” (الاسكوا) ، أن أزمة المياه الحالية – التي تتخبط بها الدول العربية – ليست مرتبطة فقط بتراجع نسبة الأمطار وإنما أيضا بارتفاع عدد السكان وزيادة الطلب على المياه.
وأوضح أن مشكلة المياه في المنطقة العربية ليست جديدة ولم تبدأ بالأمس، فالمنطقة تعاني من شح بالمياه بسبب انخفاض كمية الامطار فيها مقارنة ببقية دول العالم.
وقال الحمدي لوكالة “الأناضول” إن “75% من سكان الوطن العربي يقعون تحت خط الفقر المائي المحدد بألف متر مكعب للفرد سنويا، فيما 35% منهم نصيبهم من المياه المتجددة أقل من 500 متر مكعب سنويا للفرد، وهو ما يُعتبر معدل متدنيا جدا من نصيب الفرد من المياه”.
وحذر من خطورة الوضع المائي للعاصمة اليمنية صنعاء، لافتا إلى أن التوقعات تشير إلى أنها من أولى عواصم العالم “المهددة بجفاف المياه، لتصبح عرضة لهجرة سكانها إلى مناطق أخرى، باعتبارها لا تحتمل تكلفة تحلية المياه فيها”.
وأشار إلى أن مواطني دول العراق والسودان وموريتانيا والصومال يتمتعون بالنصيب الأكبر من المياه مقارنة بباقي الدول العربية، اذ تُعتبر حصة الفرد فيها “مرتفعة نوعا ما، وهي من البلدان التي تأتيها كمية كبيرة من المياه من خارج حدودها”، عن طريق الأنهار.
وأوضح أن نصيب الفرد من المياه المتجددة في كل من الأردن وفلسطين واليمن حوالي 180 متر مكعب سنويا، أما في دول الخليج فلا يزيد نصيب الفرد عن 40 إلى 50 متر مكعب في السنة.
ولفت الى أن تفاقم أزمة المياه سببه الرئيسي ارتفاع مستوى المعيشة واستهلاك المياه بسبب ارتفاع عدد السكان، مشيرا الى أنّه في السابق كان يتم التعامل بشكل “جيد وملائم” مع هذا الشح .
وأوضح أن هناك 19 دولة عربية معدل نمو السكان فيها أعلى من المعدل العالمي، وهذا ما تنتج عنه زيادة الطلب على المياه.
ولا يتخوف الخبراء من كارثة على صعيد شح المياه، باعتبار أن هناك الكثير من الدول، إما توجهت نحو تحلية مياه البحر أم لمعالجة مياه الصرف الصحي واعادة استخدامها، أما الدول غير القادرة على كلفة تحلية مياه البحر فقد توجهت لاستخدام المخزون المائي غير المتجدد من المياه الجوفية.
وأوضح الحمدي الى أن مشكلة المياه تتعاظم مع ارتفاع الطلب عليها وارتفاع عدد السكان، “وهو ما سيؤثر على الاقتصاد بشكل رئيسي لأن البلدان ستضطر لاستيراد المواد الزراعية من الخارج بسبب قلة المياه”.
ويؤثر انخفاض كمية تساقط الأمطار مباشرة على القطاعين الزراعي والاقتصادي، وستكون اليمن والسودان، اللتين تعتمدان بشكل رئيسي على قطاع الزراعة الأكثر تأثرا بتراجع كمية المتساقطات، بحسب خبير “الأسكوا”.
وأشار إلى أن لبنان يعتمد أيضا وبشكل أساسي على القطاع الزراعي، ومزارعيه سيتأثرون مباشرة بشح المياه مما سينعكس على توفر المزروعات في الأسواق وبالتالي على المستهلك لأن استيراد مواد زراعية وغذائية من الخارج سيرفع أسعارها.
إلا انّه اعتبر أن وضع لبنان المائي يبقى أفضل من أوضاع الكثير من الدول العربية الأخرى، “فهو واحد من ثلاث دول عربية متوسط نصيب الفرد فيها حوالي ألف متر مكعب او أكثر”.
ولفت الحمدي إلى أن وجود أكثر من مليون نازح سوري في لبنان يجعل الطلب على المياه مرتفعا، باعتبار أن الطلب لا ينحصر فقط بشرب الماء، فـ”وجودهم يحتاج زيادة في الإنتاج الزراعي وهذه الزيادة ستتطلب كمية كبيرة من المياه الإضافية، ما يعني أن لبنان سيعاني من استنزاف للمياه نتيجة زيادة عدد سكانه”.
برلمان.كوم- الأناضول