خلصت تحريات وتحليلات الأجهزة الأمنية البلجيكية حول العمليات الإرهابية التي تعرضت لها العاصمة الفرنسية، باريس إلى أن المساجد ليست المجالات الوحيدة أو الأساسية التي يتم فيها استقطاب وشحن “الجهاديين”، وأن شبكات العلاقات الخاصة تشكل الإطار الأساسي لذلك، مستشهدة بكون المتورطين في العمليات الإرهابية بباريس عبد الحميد أباعود وإبراهيم عبد السلام وبلال حدفي وشكيب أكروح كانوا يلتقون في نفس الحي ويجتمعون في نفس الأماكن.
وتضاف إلى هذه العلاقات شبكة الأنترنيت التي يكتشف عبرها هذا الشباب المنحدر من أسر لا تمارس الشعائر الدينية ولا يتحدث باللغة العربية ولا يعرف عن الإسلام إلا ما يقرأه في الأنترنيت بغير اللغة العربية، لكن هذه الأجهزة تضيف أن التطرف “الجهادي” لا ينتج بشكل فردي ولدى الدخول إلى أنترنيت وإنما يتم استغلاله في إطار شبكات العلاقات التي تبقى هي الأساس.
ورصدت هذه الأجهزة تخلي “الجهاديين” عن المساجد كمجال للتعبئة والشحن منذ شن الحملة من أجل القضاء على جذور الإرهاب، حيث انتقلوا إلى العمل في إطار خلايا سرية للهروب من المراقبة والتتبع، فيما مال بعض الخطباء والدعاة إلى تبني خطاب مغاير لخطابهم الأصلي التحريضي وحاولوا الظهور بمظهر معتدل، في إطار ممارسة التقية، هذا بينما ابتعد آخرون عن المساجد أو تم إبعادهم.
جدير بالذكر أن هناك تعاون أمني متقدم بين المغرب وبلجيكا في محاربة الإرهاب بطلب من الطرف البلجيكي، وأن المتورطين في العمليات الإرهابية بباريس القادمين من حي المهاجرين ببروكسيل مولمبيك بلجيكيون ينحدرون من أسر مغربية مهاجرة.
وتوجد ببروكسيل على الخصوص جالية كبيرة من أصل مغربي يواجه أبناؤها عدة مشاكل تمتد من الفشل الدراسي إلى البطالة وتعاطي المخدرات والعنصرية وغير ذلك، لكن هذه المشاكل لم تقد الجميع لتبني الأفكار “الجهادية “والتورط في الإرهاب، بل إنه يوجد في مقابل هذا الانحراف أشكال أخرى للانحراف وسط أبناء الجالية المغربية ببلجيكا.
وفي مقابل الانحرافين هناك حالات كثيرة للنجاح، حيث يسجل أن هناك عدد كبير من الأطر المغربية المشهود لها بالكفاءة والاستقامة في مختلف الميادين، وفي الدولة والقطاع الخاص، وهناك عدد منها وصل إلى مواقع قيادية، بما في ذلك في الحكومة والبرلمان والأحزاب السياسية والنقابات وجمعيات المجتمع المدني.