ورقة بركان الانتخابية.. ورم سرطاني خبيث يصيب الحاقد عبد المجيد تبون اسمه الغل
قرار احتجاز بعثة نهضة بركان بسبب خريطة المغرب لم يفاجئ أحدا من المغاربة ومعهم جمهور عريض من الأفارقة والعرب على الخصوص، بعد أن أصبح من باب المألوف للجميع، أن يبتكر الماكر عبد المجيد تبون والطغمة العسكرية الجزائرية الحاكمة، كعادتهما كل مرة، زندقة سياسية جديدة يحيطانها بسياج من المغالطات الملفوفة بمزبلة من الأعذار والمُسبّبات، بغاية خلط الأوراق وشحن أفراد الشعب الجزائري على أشقائهم المغاربة، من خلال تنشيط مخيالهم، باستمرار ومن دون توقف، بأقراص حاقدة على الجار المغرب.
ولأن كرة القدم ورقة انتخابية رابحة بمنظور الزنديق تبون ومن معه، فقد اهتدى تحت تأثير الصدمات المتتالية التي أصابته من الناحيتين السياسية والدبلوماسية، إلى نقل المعركة الانتخابية “المُربحة” إلى الساحة الرياضية، بعد أن همس له محيطه الشيطاني بأنه لا يوجد شأن أقوى من كرة القدم لكسب أصوات الناخبين والاستيلاء على مشاعر الملايين من الجزائريين، بما توفره من متعة وتشويق جماعيين، ومن حياة كاملة بكل ما فيها من إنجازات وأمجاد.
وكما مُني بهزائم كروية متلاحقة في سلسلة امتحانات قارية ودولية سابقة، فقد مُني الرئيس الزنديق تبون، اليوم بهزيمة ثقيلة (3ـ0)، حصل عليها بمقتضى قرار الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم. صفر له وصفر لفريق اتحاد العاصمة الجزائري، الضحية، والصفر الثالث للجامعة الجزائرية التي رضخت راضية خانعة للفتوى الشيطانية التي ختم عليها الرئيس الفعلي سعيد شنقريحة، في جلسة مزاجية ثنائية لا يمكن أن تكون إلا خمرية إلى حد الثمالة، علما أن الرئيس تبون ابتُلي، شافاه الله، بالسّكْر اليومي لا يبارحه حتى أثناء عمله في مكتبه.
استأنفت الجامعة الجزائرية القرار، ورفضت الكونفدرالية الإفريقية الاستئناف نصرة لموقف نهضة بركان وتأكيدا لشرعية ارتداء أقمصة تحمل خريطة المغرب التي صادقت عليها منذ بداية المنافسات القارية. وانتهت فصول الدراما الجزائرية ببهدلة وطنية وعربية وإفريقية كالمعتاد، سببها من جهة، التنكر البئيس لحسن الجوار وللقواسم المشتركة في اللغة والدين والمصير المشترك، ومن جهة أخرى، ابتلاء المغرب بجار مخادع متقلب، يخشاه محيطه المقرب بسبب ردوده الانفعالية الحادة، ويعتبره معارضوه طاغية عديم الكفاءة. فلا أحد من محترفي السياسة والرياضة في آن واحد، توقع أن تنحط السفالة، إلى ما دون الانحدار الخُلُقي المتمثل في احتجاز فريق مغربي ذنبه أنه يحمل قميصا عليه خريطة بلده، كما حدث في زمن تبون ودينامو الحكم في الجزائر، الكبران سعيد شنقريحة.
قد يكون لوضعه الصحي الجاثم على حالته النفسية المصابة منذ مدة، بورم سرطاني خبيث اسمه الغل والضغينة، دور في هلوسات الرئيس تبون، الحاقدة على المغرب. وقد يكون لسوء فهم الطغمة الحاكمة للتحولات الديمقراطية التي تعرفها القارة الإفريقية، والتي أنتجت سياقا جديدا للتعامل مع ملف الصحراء، زاد من مصداقيته التأييد الدولي والأوربي المتزايد لموقف المغرب، نصيب وافر في الانتكاسات المتتالية لنظام العسكر الذي استنزف مئات المليارات من الدولارات، طيلة نصف قرن من التخاريف والنصب على الشعب الجزائري وعلى شعوب إفريقيا.. نصف قرن من الكذب والحملات التضليلية، ومن المتاجرة في أسواق النخاسة الإفريقية، ضمن بروباغندا إعلامية بغيضة، أصبحت اليوم عديمة المفعول أمام انبثاق جيل جديد من الأفارقة، لم يعد يقبل التسوّل والعلاوات السخية التي كان يتقاضاها قادته، بصورة منتظمة من خزينة الدولة الجزائرية.
والأسئلة التي يجب طرحها وإعادة طرحها على الدبلوماسية المغربية، هو أين نحن من هذا التوجه الحاقد على المغرب، والذي لم يثبت أن بلغ مثل هذه الدرجة من الحقارة والدناءة التي تزايدت بشكل جنوني مع تولي الزنديق تبون الحكم؟ هل سنظل قابعين في موقف المتفرج إلى أن ينعم الله علينا بمسئولين جزائريين، قد لا يأتون، يراعون قواسم الجوار والدين والمصير المشترك؟ ألا يحق للجامعة الملكية المغربية التحرك باتجاه دعوة منتخب القبايل لمباراة ودية منتظمة مع الأندية المغربية، وبرمجة كؤوس وبطولات دورية مصغرة مع شباب القبايل تؤرخ لتطلعات شعبهم للحرية والاستقلال؟ ولماذا ترفض الدبلوماسية المغربية إلى اليوم الإصغاء لما يشبه الإجماع المغربي بشأن تبني دبلوماسية هجومية مناصرة بشكل علني لثمانية مليون شخص يعيشون منذ عقود طويلة تحت رحمة الاحتلال الجزائري المتسلط؟
ألا يحق لوزيرنا في الخارجية، مجابهة خصومنا بنفس المبادئ التي يتشدقون بها، وعلى رأسها مبدأ تقرير المصير، إحباطا لأطماع رؤساء الجزائر، من الطاغية الهواري بومدين إلى المارق الزنديق، عبد المجيد تبون (حتى وإن كانت اللياقة تستدعي تجنب مثل هكذا أوصاف) لرجل لا يكف عن التطاول على المغرب وعلى المؤسسة الملكية بعبارات دنيئة لا تليق برجل دولة، على شاكلة أن “المغرب يحقد على الجزائر لأنها تساند القضية الفلسطينية”.
مثل هذه القاذورات والملوثات الكلامية الساقطة في مبناها والسّامة في معناها لم يقُلها تبون لدول عربية وازنة، قامت بتطبيع العلاقات مع إسرائيل، وفي مقدمتها مصر التي تقيم علاقات متينة معها منذ 45 سنة (1979) والأردن ثلاثين سنة (1994) وبعدهما الإمارات العربية المتحدة والبحرين والسودان. والمغرب لا يحتاج، في هذا الباب، دروسا من ذوي الهلوسة الكلامية المسخرة لتنويم شعوبها. ولتتصفّح الصحافة المأجورة ومعها عسكر الجزائر وساستها، بعض أوراق التاريخ السياسي العربي الحديث، لتفهم أن وراء التطبيع مع إسرائيل عقودا من المساعي المغربية لإقرار الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني.
نقولها وسنعيد قولها مرات ومرات: واهِم من يعتقد أن هناك من رادع للرئيس تبون، غير المواجهة على قاعدة “البادي أظلم”. غير ذلك سنركُن إلى دبلوماسية دفاعية تُدرئ الشر ولا تقتلعه من جذوره.