مع اقتراب السباق نحو قصر الإيليزيه من نهايته؛ تصدر اليمين المتطرف في فرنسا استطلاعات الرأي حول الفائز المحتمل في الانتخابات التشريعية في فرنسا. تصدر بات يطرح الأسئلة حول مدى إمكانية انعكاس وصول اليمين المتطرف لقصر الإيليزيه على المغرب والعلاقات المغربية الفرنسية التي دخلت أخيرا في مرحلة هدنة.
وارتباطا بذلك؛ أوضح الدكتور حسن بلوان، المحلل السياسي والخبير في العلاقات الدولية، في حديث خص به “برلمان.كوم”، أن “اكتساح أحزاب اليمين واليمين المتطرف لمجموعة من الانتخابات في أوروبا لم يعد ظاهرة عابرة بقدر ما أصبح حقيقة وواقعا يؤرق أجهزة ومؤسسات الاتحاد الأوروبي الديمقراطية كما يقض مضجع المهاجرين خاصة العرب والمسلمين”.
وأبرز بلوان أن “تصدر اليمين المتطرف المناهض للإسلام والمسلمين في انتخابات البرلمان الأوروبي ناتج عن عاملين أساسيين: الأول مرتبط بالتحولات السياسية والديموغرافية والثقافية التي تعيشها أوروبا التي زادتها الحرب في أوكرانيا تشددا وتطرفا”.
فيما يرتبط العامل الثاني، حسب الخبير السياسي، “بصعوبة اندماج الغالبية العظمى من المهاجرين العرب والمسلمين في النسيج الاجتماعي والثقافي الأوروبي، ونزوع معظمهم نحو الفكر المتشدد”.
وأكد الخبير في العلاقات الدولية أن “فوز اليمين المتطرف واكتساحه الانتخابات التشريعية الأوروبية في دول كانت توصف بأنها قلاع الليبرالية كفرنسا مثلا مؤشر خطير على حجم الضغط والتضييق ينتظر المهاجرين الغرب والمسلمين، الذين أصبحوا مادة دسمة في البرامج الانتخابية لليمين واليمين المتطرف”.
واعتبر بلوان أن “ما حدث في فرنسا بعيد الانتخابات الأوروبية يشكل صدمة سياسية ليس فقط بالنسبة للمهاجرين بل أيضا للأحزاب التي تتبنى خطابا متوازنا، ما يؤشر على تمدد اليمين المتطرف في البرلمان الأوروبي وسيطرته على السلطة التشريعية والتنفيذية في معظم الدول الأوروبية، مما يعني إصدار قوانين وقرارات وخطابات أكثر راديكالية تجاه المهاجرين العرب والمسلمين”.
وبالعودة إلى الانتخابات التشريعية الفرنسية القادمة والتي من المتوقع أن يكتسح فيها اليمين المتطرف البرلمان الفرنسي؛ استبعد بلوان أن “يكون هناك تأثير جذري على العلاقات الاستراتيجية بين المغرب وفرنسا”.
استبعاد أرجعه الخبير لعاملين أساسيين: أولهما كون العلاقات المغربية الفرنسية عريقة وعميقة بين أجهزة ومؤسسات البلدين بغض النظر عن توجهات الأحزاب الفرنسية”.
بينما يتجلى العامل الثاني في كون “المملكة المغربية طورت منذ عقود آليات وتوجهات التعامل مع الحكومة الفرنسية مهما كانت هوية الحزب المتصدر للانتخابات سواء كانت محلية أو تشريعية أو رئاسية”.
وقال المحلل السياسي: “صحيح أن العلاقة مع المغرب أمام خيارات راديكالية وستتأثر لا محالة في قضية الهجرة، لكن أعتقد أنها ستكون انفراجة قوية في الموقف الفرنسي من قضية الصحراء المغربية وباقي القضايا الاستراتيجية الأخرى”.
وختم بلوان حديثه بالقول: “على العموم فالعلاقات المغربية الفرنسية عرفت في مساراتها التاريخية مدا وجزرا، لكن دون أن تخرج عن عمقها الاستراتيجي، وشكلت على الدوام نموذجا للتعاون البناء بين الشمال والجنوب داخل الفضاء المتوسطي”.