هل يعد تأهيل الرأس مال الغير المادي مدخل أساسي لتقييم وخلق الثروة الوطنية وإعادة توزيعها؟
أبو .ماريا
أجمع الباحثون والمهتمون بتدبير الشأن العام ببلادنا أن الخطاب الملكي الأخير الدي ألقاه الملك محمد السادس بمناسبة الذكرى 15 لتوليه العرش، جاء مختلف عن سابقيه من حيث المضمون الدي تميز بحمولة فكرية ومصطلحات ومفاهيم ظلت الى عهد قريب مجال تحتكره فئة قليلة من النخب والأساتذة الجامعيون وكدلك رفوف وأدراج الجامعات والمعاهد العليا، وهي مصطلحات تتطلب تحليل عميق وشرح علمي واضح ومعقول لأغراضها ومقاصدها، عكس تلك التي يتداولها الفاعل السياسي بالفضاء العمومي وتتسم بالدونية والشعبوية المفرطة.
ومن بين هده المفاهيم التي أثارها الخطاب الملكي وأثارت الانتباه، مفهوم الرأس مال الغير المادي الدي يصعب إعطائه تعريف جامع ومانع على اعتبار أنه يشكل نقطة جدب وتقاطع مجموعة من الحقول المعرفية التي تهتم به وتعتبره مكون وجزء من منظومتها، وإن كنا نرى أنه مجموعة الموارد البشرية والمجهود الفكرية والقيم الاجتماعية والتنظيم المؤسساتية والترابي التي تسعى الى تطوير حياة الانسان وتماسك المجتمع في أفق خلق الثروة والتنمية لوصول لدولة الرفاه.
وفي هدا السياق يعتبر المغرب من بين الدول القلائل التي قررت طواعية اطلاق مشروع مبتكر بخصوص تقييم منتظم لثرواته الوطنية وراس ماله الغير المادي، تقييم يعتبر بالغ الاهمية للمغرب لأسباب متعلقة بالحاجة الى توجيه السياسات العامة بشكل يقعد لركائز المعرفة القوية بالراس مال غير المادي التي تستهل بتفعيلها في المرحلة الاولى طريقة البنك الدولي الخاصة.
فقد قدر البنك الدولي ثروات الامم وراس مالها غير المادي لسنوات: 1995 و2000و 2005 باتباع منهجية تتميز بكونها الطريقة الكلاسيكية لحساب الناتج الاجمالي المحلي والتي تسمح بتعهد مقارنات تحترم المكانة والوضعية المختلفة لكل دولة على حدة، على صعيد عالمي، وعلى صعيد أدق يعي مختلف مكونات الثروات الوطنية، وكذا فقد تم تعديل تقييمات من طرف البنك الدولي سنة 2010 و2012 و2013 لعدد من دول المغرب العربي.
وتعرف الثروة الوطنية بالقيمة الحالية للاستهلاك المستقبلي لجهة معينة، ويقيم الراس مال غير المادي عن طريق خصم الثروة الوطنية وراس المال المتحول وراس المال الخام، مع اضافة اصول المال الصافية. وهي تشمل جميع الاصول غير الملموسة، والتي تكون اقل يسرا من ناحية العد او الحصر، كراس المال البشري، وراس المال الاجتماعي، وقيمة المؤسسات.
راس المال المنتج يعكس قيمة مخزون راس المال المادي، عن طريق معرفة الالات والاجهزة والمباني وكذلك الفضاءات الحضرية، كما أن راس المال الخام يشمل الموارد الطاقية والمعدنية والغابوية والاراضي المزروعة والمراعي والمناطق المحمية.
وبحسب تقييم البنك الدولي فان الثروة العامة للمغرب قد ازدادت ب الدولار سنة 2005 الى حوالي 75 بالمائة مابين 2000 و2003 وهو ما يمثل معدل نمو سنوي بمعدل 4,4 بالمائة.
كما زادت نسبة راس المال غير المادي بنسبة 82 بالمائة مابين سنة 2000 وسنة 2003 وهو تقدم سنوي بنسبة 4,7 بالمائة للسنة، مما يجعل حصة راس المال غير المادي من الثروة الوطنية الاجمالية يرتفع الى 72,8 بالمائة سنة 2000 و75,7 بالمائة سنة 2013 في فترة اتسمت بالاصلاح المهم والدينامية في الاستثمار والتي لم تقصي دمج جانب راس المال المتحول مع الثروة الوطنية.
ويعد قدر راس المال غير المادي للمغرب امام الثروة الوطنية الاجمالية قريبا من راس المال غير المادي الذي حققته الدول المتقدمة، وهذا يؤدي الى استنتاج ان راس مال المغرب غير المادي يعد من الان فصاعدا قاعدة لخلق الثروة، وعلى السياسات العمومية التركيز على مكونات راس المال غير المادي للحفاظ على دائرة شريفة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية.