الأخبارمجتمعمستجدات

هل يدفع المتضامنون مع محمد زيان.. مبالغ المال العام التي حوكم بسببها؟

الخط :
إستمع للمقال

من يطالب اليوم بإطلاق سراح محمد زيان من منطلق التضامن، عليه أن يستحضر أولا مقاصد ومدلولات المثل الشعبي المغربي القائل “الضامن بشكارتو”!

فمحمد زيان مدان قضائيا بخمس سنوات سجنا نافذا في قضية اختلاس وتبديد أموال الدعم الانتخابي برسم استحقاقات 2015، وهو ما يفرض (بديهيا) إرجاع الأموال المنهوبة قبل المطالبة بسراح الناهب، وهو في هذه الحالة محمد زيان وأعضاء من حزبه السابقين.

وبالرجوع إلى تقارير المجلس الأعلى للحسابات، والمفتشية العامة للإدارة الترابية، وتحقيقات الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، نجد أن محمد زيان كان قد قام بتحويل مبالغ مالية كبيرة من ميزانية الحزب، ناهزت أكثر من مليون درهم، إلى الحسابات الشخصية لبعض أبنائه ولسائقه الخاص، دون أن تكون لهم علاقة تنظيمية أو عضوية بالحزب.

والأصل أن من يطالبون اليوم بإطلاق سراح محمد زيان، ممن وردت أسماؤهم في قائمة التوقيعات التضامنية، كان يتوجب عليهم أولا التضامن في جمع مبلغ مليون درهم المسروق وإرجاعها لفائدة الدولة، قبل تحريك المتابعة القانونية في حق النقيب السابق والحكم عليه بالسجن النافذ.

وبلغة الأرقام والحسابات المالية، لو قسمنا مبلغ مليون درهم المنهوب على 34 شخصا ممن وَقعوا عريضة التضامن مع محمد زيان، فإن كل واحد منهم كان سيكون مطالبا بدفع 29 ألف و411 درهما!

لكن المشكل الذي تطرحه هذه القسمة، هي أن العديد من هؤلاء “المتضامنين” لا يعرفون سوى التضامن الفموي، أي بالكلام والعرائض، ويتعاملون مع المال بمنطق التقديس والتأليه.

فالمعطي منجب وفؤاد عبد المومني مثلا لهما سوابق عديدة في إساءة تدبير المال العام وشبه العام، وتطوق ذمتهما جرائم فساد مالي وشبهات تدبيرية، وبالتالي فمن المستبعد أن يتضامنا نقداً مع محمد زيان.

وتوفيق بوعشرين سبق أن صرَّح بتصفيته “القضائية”، للتهرب من دفع التعويضات المالية للضحايا، وبالتالي فإن مساهمته في التضامن المالي مع محمد زيان، سوف يفضح هروبه من سداد مبالغ التعويض، وقد يعزز شبهة غسيل الأموال التي تلاحق زوجته وأشقائه.

أما سليمان الريسوني وخلود المختاري، ف”ياربنا كما خلقتنا”، ولا يمكنهما إلا التعويل مرة أخرى على الشقيق يوسف الريسوني، الذي تلاحقه هو الآخر شبهة فساد مالي في تدبير ميزانية الجمعية المغربية لحقوق الإنسان! فالرجل مازال مطالبا بتبرير المبالغ المالية الشهرية التي كان يُحوّلها لحساب خلود عندما كان سليمان في السجن.

وفي المحصلة، فأغلب المتضامنين مع محمد زيان إما مشبوهون ماليا أو مُعوِزون أو طَامعون بدورهم في الإثراء غير المشروع أو محامون محسوبون على جماعة العدل والإحسان.

ويبقى المحامي لحسن الدادسي، ابن مدينة فضالة، هو المرشح لسداد مال الدولة العالق في ذمة محمد زيان، إذا كان فعلا يتضامن مع نقيبه السابق! أما التضامن بالفم والمسكنة في “الحسينيات” فلن ينفعا المغاربة في استرداد أموالهم المنهوبة.

ويمكن كذلك للبورجوازي المستجد محمد رضى أن يتضامن بدوره في هذا “الخير”، وأن يُسدِّد نصيبه في المال العام المسروق، عوض تذييل العرائض السمجة بالتوقيعات ودبجها بالشعارات الفضفاضة. فالمال العام لا يقبل الصلح ولا التسامح ولا الإفراط ولا التفريط.

أما حسن بناجح، فهو معفي من الأداء، ومن رسوم التضامن، لأن الرجل يتوفر على شهادة الإعسار بسبب عطالته المزمنة، وبسبب تداعيات سحب رخصة المأذونية (لاكريمة) التي كان يعيش منها رفقة عائلته، في إطار ما يسمى “بالريع” الذي كان يرفل فيه لردح من الزمن.

وكرسالة أخيرة: أرجعوا أولا المبالغ المنهوبة لحساب الدولة، قبل استعراض التضامن الشفهي في منصات التواصل الاجتماعي. فالمال المبدد والمسروق هو ملك للمغاربة جميعا، وليس ملكا قابلا للتصرف من طرف جماعة العدل والإحسان والجمعية المغربية لحقوق الإنسان وأشباه الحقوقيين والمغتصبين.

وإذا تضامن هؤلاء الموقعين على العريضة نقدا مع محمد زيان، فعليهم من باب “القياس” و”المساواة” أن يتضامنوا كذلك مع محمد مبدع ومحمد كريمين ومحمد كني وغيرهم من السياسيين المختلسين… فالتهمة واحدة هي تبديد المال العام، ولا يمكن التمييز في التضامن بين جميع هؤلاء المعتقلين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

عاجل
زر الذهاب إلى الأعلى