هل سيتسبَّب جنس الملاكِمة إيمان خليف في رفع الحماية الروسية عن الجزائر كما كانت ضربة المروحة سببا في استعمارها من طرف فرنسا؟
تراشق روسي جزائري بين مندوبي البلدين في مجلس الأمن الأممي قد يفضي إلى «برود» ديبلوماسي بسبب «جنس» الملاكمة الجزائرية!
===
من يذكر منكم حادثة المروحة؟ هي أحد الأسباب الأكثر غرابة في تاريخ الاستعمار في القرن العشرين، حيث تسببت في احتلال فرنسا لدولة الجزائر العثمانية. وتعود القصة إلى 29 أبريل 1827 عندما زار القنصل الفرنسي بيار دوفال قصر الباشا العثماني الداي حسين، وخلال الجلسة دار حديث بين الداي والقنصل حول الديون المستحقة للجزائر لدى فرنسا. ويقال إن القنصل الفرنسي ردَّ بطريقة غير لائقة فلوَّح له الباشا العثماني بالمروحة التي كانت في يده وقيل إنه ضربه بها على وجهه، فسميّت هذه الحادثة باسم حادثة المروحة. فكانت سببا في تحريك جيوش فرنسا لاحتلال الجزائر وطرد العثمانيين منها!
وقد عادت هاته الحادثة إلى الاذهان بمناسبة ما جرى في ردهات الأمم المتحدة بين مندوب روسيا ومندوب الجزائر حول «جنس» إيمان خليف، ما إذا كانت ذكرا أو أنثى؟
ولعل المثير هو أن روسيا قد جعلت من الطبيعة الجنسية للملاكمة قضية دولية داخل مجلس الأمن. وكان الغرض منها أن تلوح بها موسكو على فرنسا، لكنها أصابت بها الجزائر حليفها التقليدي منذ أزيد من سبعين عاما، تماما كما وقع مع المروحة…
قصة جنس الملاكمة بدأت بدورها عندما انتقد المندوب الروسي بالنيابة «ديميتري بوليانكسي» فرنسا منظمة الألعاب الأولمبية متهما إياها، ومن ورائها العالم الغربي بعدم احترام المرأة والعمل على استغلال القيم الأولمبية لأجل أغراض مشبوهة! ومما زاد من غضب ممثل الجزائر الحاضر في الجلسة، هو أن المندوب الروسي بالنيابة هاجم الأفعال المثيرة للتقزز، (كذا) ولا سيما منها القبول بتواجد إيمان خليف والتايوانية لين يوتينغ، اللتين يدور حولهما نقاش بخصوص توفرهما على كروموسومات ذكورية! وهي الخاصية التي تعطيهما أفضلية على المنافسات الأخريات في الملاكمة! بل نرى أن النهائيات ستجمعهما معا..
وذهب المندوب الروسي إلى حد القول بأن الغرب يريد أن يفرض الأجندة «السحاقية المثلية المتحولة» على العالم بطريقة عدوانية وقال«إن الملاكمات يتعرضن للعنف علانية من طرف رياضيين لم يخضعوا للفحص الهرموني الذي تقوم به الفدرالية الدولية للملاكمة، وهم حسب المنطق ذكور.. وهذا أمر مقزز»!!! ولقد سبق للفدرالية الدولية للملاكمة التي يرأسها الروسي عمر كريمليف سبق لها أن رفضت مشاركة المعنيتين وسبق لها أن أقصت خليف من الدور النهائي…
هذه الاتهامات التي لم تراع الحليف الجزائري أثارت حفيظة ممثله بالنيابة توفيق الكوداري الذي رد بغضب واضح بعد أن ظل يطلب الكلمة «إن الجزائر ترفض الحملة ضدها من طرف خصومها في الفدرالية الدولية للملاكمة، (التي يرأسها الروسي عمر كريمليف) والنخب السياسية والإعلامية والمالية ..»!
وقد اعتبر العديد من المتتبعين بأن المواجهة من أجل موضوع رياضي، كان من الممكن ألا تحدث بين دولتين حليفتين، سبق لرئيس أحدهما وهو عبد المجيد تبون أن طلب الحماية الروسية أثناء زيارته لموسكو، وتغنى بالدعم الروسي الذي قدمه فلاديمير بوتين له، كما كان من الممكن أن تبقى في حدود النقاش الإعلامي لو لم يكن هناك ما هو أعمق، والذين يعرفون عقلية حكام الجزائر يدركون بأنهم شعروا بأن روسيا لا تراعي لهم وزنا (وهو ما ذكرهم بما قاله وزيرها في الخارجية عند تعليل رفض الجزائر للالتحاق بالبريكس) وقد يكون للموضوع ارتباط ولا شك بقضايا أخرى في إفريقيا وفي الحوض المتوسط!..
على كل لم تُثرْ قضية إيمان خليف الرياضيين فقط بل أثارت النقاش السياسي على أعلى مستوى دولي بين مندوبي روسيا والجزائر في مجلس الأمن، مما يدل بأن الحادثة يمكن أن تقارن من حيث تداعياتها بحادثة المروحة.. وللموضوع بقية..