يبدو أن مؤشرات حل أزمة تشكيل الحكومة التي عمرت قرابة ستة أشهر وكانت لها تداعيات سلبية على السير العادي للمؤسسات والأداء الاقتصادي للبلاد، فضلا عما خلفته من تعكير للمزاج العام وتشنج للعلاقات بين الفاعلين السياسيين، بدأت تلوح في الأفق وتنبئ بالفرج قريبا.
ذلك على الأقل ما كشفت عنه مصدر مطلع اليوم الأربعاء، لموقع “برلمان.كوم”، حيث أفاد هذا المصدر المقرب من حزب المصباح، أن رئيس الحكومة المكلف، سعد الدين العثماني، والرجل الثاني في العدالة والتنمية، الذي كلفه الملك بمهمة تشكيل الحكومة الجديدة، خلفا لعبد الاله ابن كيران، الذي أعفي منها بعد فشله في التوافق مع الفرقاء السياسيين، (أن العثماني) سيرفع قائمة بأعضاء حكومته إلى الملك محمد السادس في منتصف الأسبوع المقبل.
وفور المصادقة عليها من طرف الملك، طبقا لمقتضيات الدستور، سوف يتم الإعلان رسميا عن اللائحة النهائية للتشكيل الحكومية مع نهاية ذات الأسبوع، وفقا لهذا المصدر.
هذه التوقعات المتفائلة تأتي عقب يوم حافل (أمس الثلاثاء) من المشاورات السياسية التي انخرط فيها رئيس الحكومة المعين بأسلوب جديد ومقاربة جديدة ، وشملت لقاءات مكثفة مع زعماء سبعة أحزب ممثلة في البرلمان، وهي: الأصالة والمعاصرة، لأول مرة، بعد أن كان التعامل مع هذا الحزب وأمينه العام خطا أحمر من منظور قيادة البيجيدي، والاستقلال والتجمع الوطني للأحرار ومعه الاتحاد الدستوري، اللذان أصبح يجمعهما برنامج وفريق برلماني واحد، ثم الحركة الشعبية والاتحاد الاشتراكي والتقدم والاشتراكية.
تصريحات زعماء هذه الأحزاب، بعد لقاءاتها، كل على حدة ، مع العثماني، وإن كانت مليئة بالكثير من لغة الخشب والمجاملات، فإنها مع ذلك، تنطوي على مؤشرات يمكن قراءتها في اتجاه أن قيادات هذه الهيئات عازمة على القطع مع “المراوغات” التي اتسمت بها مفاوضاتها مع سلف العثماني، ابن كيران، الذي كان يظهر أن جل هؤلاء الزعماء ضاقوا ذرعا بصاحب “انتهى الكلام”، وكانوا يحبذون التخلص منه اليوم قبل الغد. وبالتالي لم يعد لهم اليوم مع خلفه عذرا في مواصلة “مراوغاتهم”.
وإذا كان “الأسلوب هو الرجل”، كما يقال، فإن أسلوب وشخصية العثماني المعروف بمرونته ودبلوماسيته وميله إلى التوافق، عكس دهاء ابن كيران وأسلوبه المباشر الميال إلى الصدام ، هو الذي فرض نفسه خلال الجولة الأولى للمشاورات مع العثماني، مما سهل التواصل والحوار مع الفرقاء السياسيين، فإنه من المؤكد أن الذي كان حاضرا بقوة في أذهان هؤلاء الزعماء السياسيين (بما فيهم العثماني) الذين زاروا العثماني تباعا في مقر البيجيدي بحي الليمون بالرباط، هو بلا شك التطورات الجديدة ، وفي مقدمتها تدخل المؤسسة الملكية بثقلها السياسي والمعنوي وصلاحياتها الدستورية، والتي أبت إلا أن تضع حدا للعبث السياسي السائد منذ ما يقرب من 6 أشهر وأصبحت خسائره تتزايد يوما عن يوم .
ولذلك يبدو أن زعماء هذه الأحزاب استحضروا هذه الرسالة الملكية، حيث يلاحظ أن أخنوش ، لم يعد يشير في تصريحاته، بعد لقائه بالعثماني، إلى شرطه “المريب” المتعلق بمشاركة لشكر في التحالف الحكومي ، نفس النغمة انطوت عليها تصريحات العنصر ، الذي قال إن حزبه يريد “مد اليد لرئيس الحكومة المكلف وتقديم المساعدة له لينجح في المهمة التي كلفه بها الملك”.
أما لشكر، الذي كان هو القشة التي قصمت ظهر ابن كيران وجعلته يقول: “يلادخل لشكر للحكومة هي أنا مشي عبد الاله ابن كيران”، فقد عبر عن “إسناد” حزبه لرئيس الحكومة، و”الانخراط الكامل في إنجاح مهمته”، مؤكدا أنه لا يريد أن يتحدث أحد باسم حزبه ، في إشارة إلى رئيس الأحرار عزيز أخنوش، الذي جعل مع ابن كيران، دخول لشكر شرطا للمشاركة في تشكيل الحكومة في إطار التحالف الرباعي، الذي ضم إلى جانب الحزبين الأخيرين، الحركة واتحاد ساجد.
بالنسبة للبام، الذي لأول مرة تطأ قدما زعيمه إلياس العماري، مقر المصباح، بعد أن بلغت عداوته السياسية مع ابن كيران حد تكسير العظام، فقد بدا من تصريحاته دبلوماسيا، مكتفيا بالإشارة إلى اختيار حزبه التموقع في المعارضة، وان كان قد ثمن عاليا إشراكه من قبل العثماني في المشاورات الحالية.
أما الاستقلال، الذي ما زال يعيش صراعا داخليا وعزلة سياسية منذ الضجة التي خلفتها تصريحات أمينه العام حميد شباط حول موريتانيا، وعلى الرغم من الرغبة التي عبد عنها القيادي بالحزب السوسي بعد لقائه بالعثماني في مشاركة الميزان في الحكومة المرتقبة ، فإن مكانه على ما يبدو هو المعارضة.
وهذا ما أكدته مصادر “برلمانكوم”، التي أفادت أن التشكيلة الحكومية الجديدة لا تضم أسماء من حزبي الاستقلال والأصالة والمعاصرة، خاصة وأن أحزاب الأغلبية السابقة بالإضافة إلى الاتحاد الدستوري، تتوفر على أغلبية مريحة في البرلمان. وهو ما ينسجم مع مطلب البيجيدي بتشكيل حكومة “قوية ومنسجمة تحظى بموافقة الملك”.
بقي فقد بعض الغموض بالنسبة لحزب الوردة الذي استطاع أن يقتنص، في ظروف خاصة، رئاسة مجلس النواب التي تربع عليها القيادي بالحزب ، الحبيب المالكي. فهل سيكتفي بذلك ويدعم الأغلبية الحكومية في البرمان، أم ما زال يطمع في الحصول على حقيبة أو إثنين في حكومة العثماني؟
في ضوء كل هذه المعطيات والتطورات، أصبح من الواضح أن التدخل الأخير للملك، تفعيلا لصلاحيته الدستورية ، وما تضمنه البلاغ الصادر في هذا الشأن عن وزارة القصور الملكية من حيثيات دقيقة ومعبرة ، جاء ليحسم الموقف ويضع حدا نهائيا للأزمة السياسية المفتعلة والمستفحلة حول تشكيل الحكومة ، والتي عمرت هذه المدة الطويلة وأهدرت معها الزمن المغربي ، في وقت تواجه فيه البلاد تحديات عظام داخليا وخارجيا.
سيكون انفراج ان شاء الله ﻻ تخافو من الحكومة سوف تشرف البﻻد والشعب سوف يفرح ولكن يجب
ان تحاربو الشياطين اﻹنس ان يحاربو