الأخبارمجتمعمستجدات

هل تعترف فرنسا بافتعال قضية “بيغاسوس” كجزء من تطبيع العلاقات مع المغرب؟

الخط :
إستمع للمقال

تتجه العلاقات المغربية الفرنسية بحذر نحو التطبيع. فبعد سنوات من القطيعة عادت المحادثات والاتصالات واللقاءات لتمنح دينامية جديدة لعلاقات تاريخية بين البلدين لم تنقطع تماما حتى في عز الأزمة بين الرباط وباريس، بل ظل التنسيق الأمني بين الطرفين مستمرا رغم محاولات فرنسية إخفاء حقيقة دعم المصالح الأمنية المغربية لأمن واستقرار فرنسا وتجنيبها هجمات إرهابية كما حدث في أبريل 2021 حينما تحاشت السلطات الفرنسية الإشارة إلى وقوف المغرب وراء إحباط هجوم سيدة جندتها “داعش” لاستهداف كنيسة في منطقة “بيزييه” بفرنسا.

لم يتوقف التعاون الأمني مع فرنسا، ولم تتوقف فرنسا عن التشهير بالمغرب ورموزه ومؤسساته في قضية المزاعم باستخدام برنامج التجسس “بيغاسوس”، ومع ذلك ظلت الرباط تنظر إلى ما بعد هذه الأزمة التي جعل منها الرئيس الفرنسي قضية “شخصية” وحرك من أجلها فريق مستشاريه وإعلامييه ومقربيه داخل البرلمان الأوروبي وفي جلسات استماع أمام لجنة برلمانية أوروبية. كان المغرب يترقب ما بعد مرحلة إيمانويل ماكرون، كما يفعل دائما الملوك المغاربة في إدارتهم للأزمات مع دول الجوار، فالملوك باقون ومستمرون بشرعية دينية وسياسية وتاريخية والرؤساء زائلون بعد كل انتخابات، يأخذون معهم فريقهم وحساباتهم وملفاتهم. حدث هذا مرات عديدة مع إسبانيا وألمانيا وفرنسا نفسها.. فهل يشكل اعتراف باريس بتحريضها ضد المغرب في قضية “بيغاسوس” كجزء من عودة العلاقات بين البلدين؟

السؤال يفرض نفسه، ويفترض أن يكون جزءا من ترتيبات تطبيع العلاقات بين البلدين، لأن فرنسا، وعبر وكلائها، أساءت طيلة فترة الأزمة إلى المؤسسة الأمنية، بالتحريض والتشهير ونشر ادعاءات كاذبة بواسطة وسائل إعلام فرنسية وتشبيك هذه الادعاءات بتقارير منظمات حقوقية دولية معروفة بعدائها للمغرب، وقد تابعنا كيف لعبت منظمة “فوربيدن ستوريز” دورا محرضا بإيعاز من “مراسلون بلا حدود” الفرنسية، من خلال تلقف تقارير مؤسسات استخباراتية والتصرف فيها بطريقة ممنهجة لتجعل منها مواد إعلامية موجهة غايتها ابتزاز والتشهير بالدول.

إسبانيا فعلت الشيء نفسه تقريبا، وإن بحدة أقل، لكنها أخذت الوقت الكافي للاعتراف بسوء تقديرها حينما سوقت، إعلاميا وداخل البرلمان الإسباني، أن المغرب تجسس على مسؤولين إسبان. بعد ذلك برأ تقرير للوكالة الإسبانية لمكافحة التجسس، تابع لرئاسة الحكومة في مدريد، المغرب من أي اتهام بالتجسس والتدخل في الشؤون الداخلية لإسبانيا، وفندت خلاصات التقرير بشكل صريح الاتهامات التي وجهت إلى المملكة المغربية بشأن أنشطة التجسس المزعومة التي استهدفت رئيس الحكومة الإسبانية، بيدرو سانشيز وكبار المسؤولين الإسبان باستخدام برنامج “بيغاسوس”.

هل تملك فرنسا الشجاعة للقيام بالخطوة نفسها؟ وبالطريقة التي تراها مناسبة أمام الرأي العام الفرنسي؟ هل تملك الشجاعة لقول الحقيقة: لا يوجد دليل على الشكوك والاتهامات التي وجهتها باريس، برئيسها وإعلامها ومنظماتها، إلى المملكة المغربية بشأن مزاعم التجسس. فرنسا التي كانت تبحث عن لي ذراع المغرب أكثر من بحثها عن الحقيقة في قضية “بيغاسوس”، لم تستمتع إلا لنفسها، بل حتى التطمينات التي قدمها وزير الدفاع الإسرائيلي خلال زيارته إلى باريس، في تزامن مع حملة الادعاءات ضد الشركة المالكة لبرنامج “بيغاسوس” لم تف بالغرض. لأن فرنسا كانت تبحث عن مكاسب سياسية وراء هذه القضية وليس عن الحقيقة!

لا يدير المغرب خلافاته بمنطق تصفية الحسابات أو تحقيق ريع بورقة الذاكرة. ويوم ألغى الملك خطاب ثورة الملك والشعب، فإنه بعث برسالة إلى فرنسا أولا. مفادها أن الذاكرة ليس ريعا ولا وسيلة ابتزاز سياسي، كما تفعل الجزائر مع فرنسا في قضية الذاكرة الاستعمارية، بل هي مشترك وفرصة ولا يجب أن تتحول لإكراه يعيق العلاقات الثنائية بين الدول. لذلك فإن من حق المملكة المغربية أن تعرف حقيقة ما جرى في قضية “بيغاسوس”، من حرض؟ ولأجل ماذا؟ وما ضمانات عدم تكرار ما جرى؟ لأن ما جرى كان يستهدف المغرب في مصداقيته وشركائه ومؤسساته الأمنية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

عاجل
زر الذهاب إلى الأعلى